سيزيف مصري

في الأسطورة الأغريقية، سيزيف في الجحيم وعقابه أن يرفع صخرة من القاع حتي قمة جبل شاهق، وقبل أن يصل بقليل تسقط منه لأسفل، فيعود ليبدأ من جديد، بلا نهاية. ما أشبه ذلك بنا، أولادك يا بلدي

Sunday, August 31, 2008

الغابة تحترق


الغابة تحترق

كنا نائمين. استيقظت علي أصوات الصياح والصراخ في كل مكان.
كان الجميع خارج البيوت
الغابة تحترق...
حملتني أمي بين فكيها وهي تدفع أخوي أمامها. يجب أن نغادر بيتنا بسرعة. وأمام بيتنا بكيت من مرئي ووهج النار والدخان الأسود، ونحن ننتظر. النيران في كل مكان من حولنا، ولا طريق للنجاة. شقيقتي لا ندري أين هي. نكاد لا نري ما حولنا من الدخان رغم النار التي أشعلت جلد الليل. كنت أخشي علي أمي، فأنا لم أعلم ماذا سيحدث. الأصدقاء والجيران يجرون حولنا هنا وهناك، وشجرة فشجرة تتهاوي حولنا، بدوي يختلط بصوت الأوراق المحترقة، وأحياناً ما أسمع صراخاً يصم أذني في وحشية ويكاد قلبي يقف
من يا تري فعلها؟
كم أحب أمي!
لماذا يا إلهي؟
نحيا في سلام، ونأكل الثمار التي تسقطها لنا الأشجار ولا نخزن بعضها لوقت الجفاف. نخاف الأسد والذئب والثعبان الأسود بأعلي شجرة البلوط، الوحيدة التي لم تحترق
بعد عشر ساعات انتهي الحريق
وجدنا شقيقتي. وجدنا كذلك حرق كبير في ظهر أمي
بكيت كثيراً لألمها من الحرق الكبير

صديقي ذو الجناحين قرر أن يرحل. أخبرني أن أباه أكد له أن كل الغابات من الممكن أن تحترق. لا أمان. ولكنه بعد أن احترق عشهم قرر أن يرحل، وحده
كم أحبه! بكيت له كثيراً ولكنه أخبرني أنه فات الوقت. كنت أتمني لو أمكنني أن أطير مثله...
عندما سألت أمي إذا كانت هناك غابات لا تحترق، أومأت رأسها بنعم. وعندما سألتها لماذا لم نعش في إحدي تلك الغابات من البداية نظرت إلي ولم تجب. وكانت هذه نفس إجابتها عندما سألتها عن تلك الرائحة الغريبة التي تملأ المكان

عندما أكبر سأعرف من الذي فعلها. وسأجد صديقي ذي الجناحين
أبي كان سيعرف، ولكنه ليس هنا. قالت أمي أنه رحل منذ زمن بعيد
الرحيل الرحيل...أكره هذا الكلمة.
عندما أكبر سأجد غابة كبيرة نعيش فيها كلنا معاً. لن أجعل فيها الأسد والذئب والثعبان الأسود بأعلي شجرة البلوط. وسأضع علي كل الأشجار مياه من البحيرة الكبيرة حتي لا يحدث الحريق مرة أخري
ولن أنام بالليل حتي أحرس الأشجار من النيران
أما الآن، فأريد أن أنام...
أنام طويلاً...طويلاً جداً
حتي أني لا أستيقظ...
إلا عندما أكبر..