سيزيف مصري

في الأسطورة الأغريقية، سيزيف في الجحيم وعقابه أن يرفع صخرة من القاع حتي قمة جبل شاهق، وقبل أن يصل بقليل تسقط منه لأسفل، فيعود ليبدأ من جديد، بلا نهاية. ما أشبه ذلك بنا، أولادك يا بلدي

Friday, November 24, 2006

بيان ونداء: عن السيد حافظ



استطاع بالفعل أن يكون أحد الشهود على العصر .. بفنه وإبداعاته ، وبحياته وآلامه اليومية أيضا .. والتي يعيشها منذ زمن ليس بالقصير .. فهو عاجز عن علاج ابنه "محمد" من جلطات في قدميه نتيجة أشعة ملونة خاطئة .. وشهادته على العصر ستصل إلى مداها ؛ ولن تقف آلام السيد حافظ عند حد ، فزوجة صاحب "كبرياء التفاهة في بلاد اللا معنى" ستسقط في نزيف حاد ؛ نزيف في الأمعاء وغيبوبة كبد من الدرجة الرابعة لتدخل العناية المركزة في القصر العيني بالقاهرة .. وستهدد بالطرد لانعدام المصاريف (إيجار الغرفة 3000 جنيه في اليوم الواحد) حيث لم تستطع زوجة السيد حافظ أن تتجاوز مدة رعايتها بالمستشفى 45 يوما ، ليضطر لإخراجها على مسؤوليته .. ثم يقرر السفر إلى الإمارات عله يجد الله هناك - على حد تعبيره - وليقطن بغرفة مع بعض الشباب العرب لتوفير المصاريف.. على أمل أن يبيع مسرحية أو مسلسل.ورغم بعض المساعدات ووقوف بعض الأصدقاء والفنانين إلى جانب الكاتب المسرحي المصري( صاحب 66 مسرحية مكتوبة ومطبوعة .. و رصيد كبير ومهم من دراسات الدكتوراة والماجستير والدبلومات والأبحاث ، والحاصل على عدة جوائز من مصر والدول العربي ) فهو يحتاج الى وقوف وزارة الصحة أو أحدى الجهات الثقافية العربية او الشخصيات الميسورة ماديا والميسورة إنسانيا ؛ لتحمل نفقة علاج زوجته التي تحتضر .. فإذا لم تجرى لها عملية زرع الكبد – كما أخبرنا – خلال 6 أشهر فلا أحد يضمن العواقب.لأجل ذلك نتضامن نحن الموقعون أسفله مع الكاتب المسرحي وعائلته ، وندين هذا التجاهل الرسمي لمأساة ومعاناة السيد حافظ وعائلته ونصرخ بملئ أفواهنا : من يوقف ألام السيد حافظ ؟؟كما نناشد المؤسسات و الجهات الثقافية و أصحاب الضمائر الحية بأن يقدموا المساعدة بمبالغ أو بشراء كتب وإنتاجات الكاتب .. وذلك لضخامة المبلغ الذي ستكلفه العملية الجراحية (حوالي 120 ألف دولار).
آخر ما وصل من الكاتب :" احتاج حملة لانقاذ زوجتى هى تحتضر ...إن لم تجرى العملية لزوجتى خلال 6 شهور ستموت وانا عاجز عاجز عاجز عن فعل اى شيء.."
لكل الإخوة المبدعين والمثقفين والأدباء والنقاذ والمهتمين بالشأن المسرحي الراغبين في التوقيع ودعم هذه الحملة التضامنية أن يضيفوا أسمائهم وتخصصاتهم وبلدهم، وارسال رسالة إلي
(
abdelkhoumrane@yahoo.fr)
سنعمل على نشر رسالة التضامن هذه بالصحافة المكتوبة أيضا وبعدد من المواقع الإلكترونية عسى أن يكون هناك من مجيب .. الموقعون حتى الآن :
سباعي السيد (مدير موقع المسرح دوت كوم) مصر
عبد الجبار خمران (مسرحي مغربي) فرنسا
أحمد شرجي (مسرحي عراقي) هولاندا
قطاف رضوان (رئيس فرقة دعاء الغد للمسرح) الجزائر
فتحي صحراوي (مخرج) الجزائر
سعد شوشان (ممثل) مصر
فلاح شاكر (مسرحي) عراقي
العراقليلى ميال (ممثلة) فرنسا
عبدالوهام سمكان (قاص وشاعر مغربي) المغرب
عبد الإله غاوش(قاص مغربي) إيطاليا
عبد العزيز أبوالفوارس (شاعر مغربي) المغرب
أيمن حلمي (موسيقي) مصر



http://www.awu-dam.org/dalil/05haa/dlil006.htm
http://www.mafhoum.com/press7/213C361.htm
عن السيد حافظ


--
رسائل سابقة للكاتب نشرت علي موقع مسرحيون

كتب قاسم مطرود:
اعتزال واستغاثة

قبل شهر تقريبا أرسل إلي الكاتب العربي السيد حافظ طالبا مني نشر اعتزاله إلا أني رجوته بالعدول عن الفكرة لأنها خسارة إلى الفن المسرحي واليوم يرسل استغاثته إلى جميع الضمائر الحية بسبب مرض ابنه محمد, لذا أجدني مضطر نشر الرسالتين بغية إطلاع من يهمه الأمر واتخاذ الموقف الذي يجب أن يتخذ في مثل هكذا حالات

ادناه الرسائل التي وصلتني منه
اعتزال-1 -

قاسم يا صديقي لقد قررت اعتزال المسرح كتابة وحضورا وفنا واسف على اربعين عاما قضيتها فى هذا الفن القاتل الذى قتلنى اعتزلت نهائيا واعتذرالان فى كل يوم عن حضور ندوة او لقاء تلفزيونى او مشاهدة مسرحية بعد ان اكتشفت ان لاقيمة للمسرح الذى افلسنى وجوعنى وضيعنى بعد ان عجزت ان اعالج ابنى محمد حتى الان من جلطتين فى قدميه وهو شاب فى العشرين من العمر نتيجة اشعة ملونة خاطئة على قدمية وقامت الدولة مشكورة بعد جهود دكتور اشرف زكى رئيس البيت الفنى للمسرح بصرف 1300 جنيها لعلاج ابنى الذى تجاوز علاجة 15 الف جنيها ولم يتحرك فنانا ولااديبا للوقوف معى الا محفوظ عبد الرحمن صديق العمر الذى ارسل مبلغا من المال سلفة وانا مازلت ابحث عن دولة عربية تعالج ابنى او جهة تشترى كتبى كى اصرف على على علاج ابنى ..اى مسرح اى مسرح ياقاسم انا قررت ان افتح دكانا ابيع الكتب القديمة خلف اكاديمية الفنون بالهرم بشارع شبين الكوم فى حارة يجاورنى عم امين الحداد وعم على بائع السمك ابيع كتب قديمة مثلما فعل ابو حيان التوحيدى عندما عمل وراقا ومثلما فعل الشيخ تقى الدين المقريزى فى عهد السلطان برقوق ومثلما فعل عباس الابيض فى اليوم الاسود فى مسلسله انا اسف اننى ابيع كتبى لعلاج ابنى ولااطلب من احد معونة مالية اطلب ان ابيع الكتب التى الفتها 66 كتابا وكتب اخرين قديمة ماتو اواحياء اننى اعتذر لعشرين طالبا جامعيا يدرسون رسائل دكتوراة وماجستير فى مصر وتونس والجزائر والمغرب والكويت عن اعمالى اقول لهم اسف انا اعتزلت هذه امة تعيسة وانا اتعس شخص بها لقد اعتزلت ياقاسم وانا ابيع الكتب فى محل متواضع فى حارة شبين الكوم متفرع من شارع الزقازيق خلف اكاديمية الفنون فى الهرم تعال لتزورنى وتشترى كتابااترك الساحة وانا لست اسفا بل نادما على عمرى الذى ضاع هباءا
السيد حافظ

---------------------------------------------------------
استغاثة- 2 -

......
ابني محمد السيد حافظ مريضا وأصيب بجلطتين في قدميه اليمنى واليسرى ودخل مستشفى الهرم يوم 26 نوفمبر الماضي ومكث فى الرعاية المركزة لمدة شهر وخرج وظل يعالج وأصيب اليوم بانتكاسه وهو اليوم 14 مارس 2006 فى نفس المستشفى الدور الرابع قسم الأوعية الدموية جناح 10 ومرفق تقرير دخوله المستشفى المرة السابقة الأولى لأنه اليوم دخل دورة جديدة من التحليلات ولم تظهر بعد وتليفون المستشفى للتأكد هو
3832549
3853865
اننى احتاج الى وقوف أحدى الجهات الثقافية العربية او الشخصيات لتحمل نفقة العلاج او سفره للخارج للعلاج او مساندتي
رقم الحساب البنكي البنك الاهلى المصري فرع الهرم التعاون مصر
رقم الحساب01000010588وهاتفى 0020127374573
تلي فاكس 002023868657
واسمي الثلاثي السيد/ السيد حافظ على


نداء ثالث من الكاتب السيد حافظ- 3 -


اناديكم واقبل أياديكم واقبل الأرض تحت نعالكم ابني محمد الشاب البالغ من العمر 27 سنة أصيب بثلاث جلطات في ساقية منذ ثلاث اشهر واحدة منها متحركة وجاءت الجلطة الرابعة ألان في الحوض وهو يرقد ألان في مستشفى القصر العيني قسم العناية المركزة للحالات الحرجة منذ امس يوم مارس 18 مارس وترك مستشفى الهرم بعد ان اهملوا علاجه لعدم وجود المال انا قدمت عمرى للمسرح وانا ليس لى وظيفة وليس معىمال وانا كاتب متفرغ للكتابة الا من هيئه ثقافية عربية تتينى علاج ابنى اما من مغيث

http://www.masraheon.com/phpBB2/viewtopic.php?p=2538

Monday, November 13, 2006

الهوس الجنسى فى زمن الانحطاط

الهوس الجنسى فى زمن الانحطاط

مقال ل/ سامح سعيد عبود
الجنس احتياج طبيعى لدى البشر إلا أنه لا يمكن أن يكون فى قوة الاحتياج للطعام والهواء والشراب و الإخراج والنوم، والذى يعنى امتناع الإنسان عن إشباع أى احتياج منهم لفترة محدودة موته ، أما الجنس فلن يموت من لا يمارسه مهما طال زمن عدم ممارسته، وبسبب عدم ارتباط الممارسة الجنسية بحياة وموت الأفراد ، فقد سهل على مؤسسات السلطة بالمجتمع أن تضع القيود على الإشباع الجنسى لدى الأفراد، وهو ما اضفى على المتعة الجنسية أساطير لا حد لها مع زيادة الحرمان منها بواسطة السلطات الاجتماعية ، و الإلحاح عليها فى نفس الوقت من قبل منتجى الثقافة و الدين والفن والأدب مما خلق لدى غالبية الأفراد هوس بالجنس، ولا شك أن الهالة الأسطورية المحاطة بالجنس والمسببة للهوس به تختفى عند توفر فرص الإشباع واختفاء الإلحاح عليه فتستعيد الغريزة الجنسية طبيعتها لدى هؤلاء الأفراد.
لأنى أتوقع أن الأسوء لم يأتى بعد، فلم أندهش حينما علمت بحادث الانتهاك الجنسى الجماعى الذى حدث بوسط القاهرة أول و ثانى أيام العيد، ذلك لأنى أرى أن المجتمع المصرى ينحدر إلى هاوية سحيقة من الانحطاط والانفلات الأمنى، فبفضل تلك النخبة المملوكية الحاكمة منذ ما يزيد عن نصف قرن ها قد رجعنا بقوة إلى عهود أسلافهم من المماليك ما قبل الحملة الفرنسية، حيث اتضح أن كل محاولات التحديث والنهضة التى تعثرت طوال قرنين من الزمان، لم تستطع سوى طلاء التخلف بسطح من التقدم، وأن الطلاء آخذ فى السقوط منذ زمن، و لا شك إن هذا الانحدار الذى امتد طويلا هو مسئولية هؤلاء الحكام بالدرجة الأولى طالما ظلوا يحتكرون أدوار البطولة و لا يتركون لغيرهم سوى أدوار الكومبارس ، برغم أنى لا أعفى بقية النخب من المسئولية كما لا اعفى جماهير العامة من المسئولية كذلك، ولكنى اتحدث عن المتهم الرئيسى لا المتهمين الثانويين، اتحدث عن المخرج لا الممثلين وعمال الإضاءة والديكور، ولعل أحد مظاهر هذا الانحطاط وهو ما أريد التركيز عليه فى هذا المقال هو الهوس الجنسى الذى يطول الغالبية من الناس فى بلادنا والذى هو صناعة مؤسسات اجتماعية حكومية و غير حكومية، لا طبيعة فى الأفراد الذين أصابهم السعار الجنسى بسبب ممارسات تلك النخب. بما فيهم هؤلاء الأفراد من ذكور الحرافيش الذين تنتهك أجسادهم و حريتهم وكرامتهم كل لحظة من قبل نخب المماليك والفتوات فلم يملكوا إلا انتهاك أجساد و كرامة وحرية أضعفهم من النساء. فمن صنع هؤلاء الوحوش، و من أبقى على نموهم النفسى والعقلى وتفكيرهم فى حدود الغرائز الحيوانية واشباعها عن أى طريق،من أصاب هؤلاء و أمثالهم بالعته وتعريض حياتهم للخطر وحريتهم للتقييد لمجرد متعة لن تتجاوز فى أفضل الأحوال دقائق معدودة، أليست تلك النخب نفسها بنظم تعليمها وإعلامها وأجهزتها الثقافية .
لو حللنا مضمون الأعمال الأدبية والفنية، وهى فى النهاية التى تشكل ثقافة الناس وقيمهم ووجدانهم لوجدنا أن هذا المضمون يدور فى الغالب الأعم حول الجنس بدءا من التعبيرات الإباحية الفجة والمبتذلة الشائعة للغاية فى الفن الشعبى وحتى التعبيرات المغلفة بالرومانسية والايحاء والغموض حتى يمكن أن تقبلها الطبقات الوسطى والعليا المنافقة، والدوران حول الجنس فى تلك الأعمال يجعلك تظن أن حياة الناس ما تدور سوى حول الجنس، وأنهم لا يدخلون سوى فى علاقات جنسية، و لا يفكرون سوى فى إشباع رغبتهم فيه، ويجعلك تتخيل أن حياتهم تخلوا من العمل وتحصيل العلم والبحث عن وسائل العيش، و أنه ليس لديهم علاقات إنسانية أخرى فى العمل والجيرة والدراسة وغيرها، ولاشك إن هذا الالحاح على الجنس يزيد من رغبات الناس الجنسية لحد الهوس حتى مع الإشباع الطبيعى لها. ويصبح شعور المحروم من الجنس هو أنه محروم من الحياة نفسها، وأن مجرد كلمة أو صورة أو نظرة أو لمسة قد تشعره أنه مازال على قيد الحياة.

بعيدا عن التفسير المادى للتاريخ فقد ابتكرت نخبنا المثقفة التفسير الجنسى للتاريخ وهو التفسير الأكثر قوة فى الثقافة الشعبية والأعلى صوتا لدى النخب،عشرات الأفلام السينمائية التى فسرت وتناولت التاريخ من خلال تاريخ الراقصات والعوالم و العاهرات وعشيقات الحكام، و هناك ما لا حصر له من الأعمال المقروءة والمرئية والمسموعة لدينا مازالت تلوك اسطوانتها المشروخة منذ أكثر من قرن ونصف عن قرب انهيار الحضارة الغربية ، لسبب وحيد يراه هؤلاء هو الحرية الجنسية، برغم أن تلك الحرية لا تحول إطلاقا دون التقدم المضطرد لتلك الحضارة، لأنها ببساطة لا تشكل جوهر حياة صناعها، و برغم أن الحرية الجنسية مداها يتسع بقوة منذ بدء ترديد هذا التفسير الذى رسخ التخلف لدينا، والذى حال بين الكثير من الناس و بين فهم كيف تتطور وتتقدم المجتمعات، وكيف تركد وتتأخر .وكيف تنهزم وكيف تحقق الانتصارات
.
من ذلك أن أبرز الانتقادات التى وجهتها النخب المعارضة للملك فاروق أنه كان متعدد العلاقات الجنسية ، و إن نخبة الانقلاب عليه كان من مصلحتها كى تبقى فى الحكم بعد هزيمتها فى 67 الترويج شعبيا لأسطورة أن سبب النكسة هو أن المشير عبد الحكيم عامر القائد العام للجيش المهزوم كان متعدد العلاقات الجنسية، برغم أن قائد الجيش المنتصر موشى ديان لم يكن سوى زير نساء من الطراز الأول ، و كان على التيار الدينى المعارض للنظام أن يفسر نفس الهزيمة بابتعاد المجتمع عن السلوكيات المحافظة وتحرر نسائه و رجاله، وتقليدهم للقيم الغربية المنحلة، لا حديث فى كل هذه الأحوال عن الظروف الاقتصادية باعتبارها محركة التاريخ، و لا عن الصراعات الاجتماعية فى المجتمع حول الثروة والنفوذ والمعرفة، و لا عن العلم والعمل باعتبارهما أساس التقدم البشرى و أساس تحقيق أى انتصار لفرد أو جماعة بشرية.

يستند الخطاب الدينى المحافظ على الهوس الجنسى الذى يفترض أن عقل البشر يتواجد ما بين الفخذين، فجوهر البرنامج السياسى لدى الخطاب الدينى المحافظ يدور حول وضع القيود على الممارسة الجنسية ، وتطبيق الحدود المرتبطة بالزنا والقذف ، و منع اختلاط الجنسين فى الشوارع والأماكن العامة وغير ذلك ، والزام الرجال والنساء بالمظاهر المحتشمة ، و لا حديث هنا على البطالة والتنمية و الديمقراطية وغيرها من القضايا، وهو خطاب يكتسب شعبيته الطاغية بسبب رؤية سائدة فى كل طبقات وشرائح المجتمع وليس فقط لدى الطبقات الدنيا، رؤية ذكورية متخلفة للمرأة ساعدت فى إبقاءها بل وتعميقها كل مؤسسات التعليم والإعلام والثقافة والدين، فالمرأة وفقا لتلك الرؤية هى مجرد وسيلة لمتعة الرجل، هى كائن لا حق له فى الحرية والكرامة و الشعور و الاختيار، وعلى الرجل وفق هذه الرؤية الشائعة، وحتى يثبت لنفسه وللناس فحولته أن يحاول أن يفترس كل ما يمكن أن يطول من النساء ، و قد يقتصر على التحرش الذى هو مجرد الدعوة اللفظية لممارسة الجنس، أو أن يمارس الانتهاك الذى هو تجاوز الدعوة بلسانه للدعوة بجسده، أو أن ينال فريسته بخداعها باسم الحب و وعد الزواج أو اغتصابها ،أو شراء جسدها مقابل المال والمنافع المختلفة ، أو قهرها بما يملك عليها من سلطة. لأن الرجال ليسوا فى قدراتهم سواء، فأنهم يحصلون على فرائسهم وفق قدراتهم المختلفة
.

برغم من وضعية المرأة كفريسة وفق هذه الرؤية إلا أنها مسئولة تماما على وضعيتها كفريسة أمام نفسها وأمام المجتمع، أما الوحوش فهم الضحايا المساكين لإغواء الفرائس المتوحشات، فالمرأة هى السبب بسبب خروجها من المنزل واختلاطها بالرجال وتواجدها فى بعض الأماكن النائية مثل ميدان عبد المنعم رياض بالقاهرة، و أنهن السبب بتأخرهن ليلا فى الشوارع حتى اللواتى تضطرهن أعمالهن لذلك كالممرضات، و بسبب ما يرتدين من ملابس تثير الرجال الذين لا يمكنهم التحكم فى شهواتهم، فمازالت فتاة المعادى الشهيرة ملامة فى نظر المجتمع على اغتصابها الجماعى، بسبب تواجدها ليلا مع شاب آخر برضاها، و وفقا لذلك فإن من تعرضن للانتهاك فى العيد مسئولات لأنهن مارسن حقهن فى الخروج فى العيد، وكانت بعضهن ترتدين ملابس غير محتشمة برغم أن الانتهاك طال المحجبات و المنتقبات منهن.

هذا المنطق الذكورى يتجاهل أن الرجل يثير المرأة بدوره،و أن المرأة لديها نفس الغريزة والرغبة التى لدى الرجل، وأن الرجال المثليين يثارون بسبب الرجال وليس بسبب النساء، و أن النساء المثليات يثرن بسبب النساء وليس بسبب الرجال، ويتجاهل هذا المنطق المعوج أن الأطفال ليسوا بعيدين عن التحرش والانتهاك الجنسى والاغتصاب من بعض الرجال أو النساء على ندرتهم، وأنه وفق تلك الرؤية المتخلفة فإنه يتم إعطاء الطرف الأقوى الحق فى التحرش بالطرف الأضعف وانتهاك جسده واغتصابه، ويتم التماس العذر له وتبرير ما يفعل، بالقاء اللوم على الضحية فى مجتمع لا يعبد سوى القوة و لا يخاف إلا منها
.

اعتقد أن الحل المنطقى وفق هذه الرؤية التى تعتبر أن الإثارة الجنسية لا يمكن مقاومتها ولا يمكن التحكم فيها أو تجاوزها، ولكى نحمى المجتمع و أفراده من الانفلات الجنسى والجرائم الجنسية فأننا يجب أن نعزل كل أفراد المجتمع عن بعضهم البعض فى جزر منعزلة، أو أن يتنقب الجميع رجالا ونساءا وأطفالا عندما يلتقون ثنائيا أو فى مجموعات فى منازلهم أو فى الشوارع أو فى الأماكن العامة، حتى ولو كانوا من المحارم، ذلك لأن الإسلاميين غافلين أو متسامحين أو متحررين بهذا الخصوص بعد ثبوت أن التحرش والانتهاك والاغتصاب يدور بين المحارم أيضا مثلما يدور بين غير المحارم، و أنه ربما يكون أكثر شيوعا مما نتصور، ومن ثم فعلى الأطفال أن ينتقبوا أمام الأباء والأمهات و الأخوة والأخوات بمجرد قدرتهم على الاستغناء عن البامبرز، و قدرتهم على إطعام أنفسهم وتنظيف أجسادهم،دون انتظار إلزامهم بذلك عند البلوغ الذى هو تهاون فى حق العفة والفضيلة، و لأن ملامح الوجه وتعبيراته ، ونظرات العيون ونداءتها ، ودرجة الصوت وتلاوينه، ربما تكون أكثر إثارة للشهوات من رؤية الأعضاء التناسلية نفسها، فإن النقاب ألزم ، ولغة الإشارات فيما بين الناس أوجب، سواء بين جميع أفراد الأسرة أو بين جميع البشر، أخذا بالأحوط، ومنع الصور أو الرسم والمجسمات مراعاه لمرضى الصنمية ، ربما نضطر إلى إلزام الحيوانات بالنقاب مراعاه لعشاق الحيوانات، أترون ما هو أسخف من ذلك ولكن هذا ما يمكن أن نصل إليه لو مددنا هذا المنطق المعوج الشائع على استقامته.

و لأن الثقافة الشائعة تحول العلاقة بين الرجل والمرأة لوحش وفريسة، فإن الرجال الذين لديهم تلك الثقافة يعتبرن أن كل ما يصدر عن المرأة من قول أو فعل هو نداء بالجنس حتى لو صدر تلقائيا منها، وانها دعوة مفتوحة له ليحاول معها حتى ولو تمنعت، فالشائع عنهن أنهن يتمنعن وهن الراغبات،وهن عاهرات فى رأى هؤلاء إلا أن يثبتن العكس، و لأن المرأة يتعمق لديها شعور أنها فريسة محتملة لكل رجل فإن معظم النساء يعتبرن أن كل ما يصدر عن الرجل من قول أو فعل هو نداء بالجنس حتى لو صدر تلقائيا، و هى إما أن تستخدم أنوثتها للحصول على ما تريد من الرجل، أو أن تحمى نفسها بالانسحاب والانعزال عن المجتمع وارتداء الحجاب والنقاب وبأن تتطرف فى المظاهر الدينية و بأن تتحاشى الاختلاط بالرجال والتحدث معهم .والمرأة وفق هذه الرؤية ليست إنسانا بل هى مجرد قطعة من اللحم إما أن تترك مكشوفة لينال منها كل من يمر بها من القطط،أو توضع فى ثلاجة النقاب والحجاب بعيدا عن عيون القطط، وهذا هو ما صرح به مفتى المسلمين فى استراليا ونيوزيلاند مؤخرا.

* أمثال هذا المفتى لخص تماما تلك الثقافة المشتركة بينه وبين من انتهكوا أجساد النساء فى العيد ، فهم لا يعترفون أن التحضر والرقى والتقدم يفترض أن ما يفصلنا عن الحيوانات ويجعلنا بشر جديرين بالحرية والاحترام والكرامة هو اعتبار أن ما يصدر من إثارة جنسية من أى إنسان لا يعطى أى حق لأى إنسان آخر فى أن يتحرش به أو أن ينتهك جسده أو أن يمارس معه الجنس إلا برضاه، فحتى من يبعن جسدهن لا يحق لأحد أن يتحرش بهن أو أن ينتهك عرضهن أو أن يمارس معهن الجنس دون رضائهن الحر. حتى زوجة الرجل لا يحق له ممارسة الجنس معها إلا برضاها، و هو عكس تلك الثقافة الشائعة التى توجب على المرأة أن تسلم نفسها لزوجها حتى ولو لم تكن ترغب. وأن كل علاقة جنسية قائمة على قهر طرف لطرف آخر و إجباره هى علاقة لا تليق سوى بالهمج، وكل علاقة جنسية تقوم على حصول طرف على منافع غير المتعة الجنسية من الطرف الآخر هى دعارة حتى ولو سترها غطاء من الشرعية القانونية أو الدينية،ولكن أين مجتمعاتنا من ذلك
.

Saturday, November 11, 2006

شيطان سوء الفهم الحضاري و لعبة البطولة في السيرة الهلالية


السيرة الهلالية وألوان البطولة الزاهية
لياسر علام:0
ما أحوج البشرية في هذه اللحظة المحتقنة، إلي محاولة التفاهم الإيجابي الخلاق. فبالرغم من كل المحاولات الدءوبة التي تقوم بها جماعات، وأفراد، ومؤسسات، إلا أنه ما زال الغالب المزهو بانتصاراته هو شيطان أسمه (سوء الفهم). مازال الكثيرين يبدو لهم أن ما يقومون به من جهود ليس إلا "آذان في مالطة"، -على حد التعبير العامي البليغ-. والتحفز والتحامل مازالا مجدافا المتعصبين، -من أولئك، وهؤلاء على السواء- وصدقني لن تسمع سوى إلا ما يشير إلى أن (الآخر) هو وهو فحسب السبب. الأمر أعقد كثيراً من أن تحله مقالة، أو دراسة، أو كتاب، أو مكتبة، أو حتى مؤسسة ثقافية. غير أن الحكمة الشعبية -خفيفة الظل- تلوح لنا بمقولتها المعبرة الخالدة "نواة تسند الزير" فلا تدع للاستكانة أو السلبية إلينا من سبيل. حسنا لتكن نواتنا في رجم شيطان سوء الفهم مناقشة خلجة من خلجات ما يعرف بالــSTEREOTYPE:
والذي ترجمته النموذج الشائع. ولكن دعنا أولاً نعرف ما هو النموذج الشائع.
النموذج الشائع هو رأي متكرر بين مجموعة من البشر لفترة من الزمن، وبالرغم من أنه انطباعي أو تقريبي وعام لدرجة كبيرة، إلا أن شيوعه يعطيه بعد فترة من الزمن درجة من الحصانة، تجعل المرء يغفل عن كون هذا الرأي، غير قائم؛ لا على أسس علمية مثلاً أو حتى على حقائق تاريخية. ويتحول هذا الرأي في ذهن الفرد إلي حقيقة، بالرغم من ابتعاده لحد كبير عن الحقيقة. و مثال ذلك النموذج الشائع الذي تستدعيه مخيلتك عندما أقول "سائحة أمريكية شابة" على الفور ستعتبرها -وبدون مناقشة- فتاة غير محافظة، غير مسئولة، جاءت لتسلية فارغة. بالرغم من أن الحقيقة قد تكون غير ذلك تماماً. فقد تكون باحثة، عنت بدراسة طراز تاريخي معين متوفر في بلادنا، وفضلت أن تقضي،حتى فترة راحتها، فيما يمس تخصصها. أعلم أن البعض سيسرع في الرد بقوله: لكن النموذج الذي تفترضه نادر، وحين تسأله: ما الذي دفعك لهذا الظن!؟

لن يجد مرجعية دقيقة لهذا التصور، غير رأي النموذج الشائع. والحقيقة أنه من الإنصاف أن نقول: هذا ليس داء تختص به جماعة دون غيرها، بل دعنا نؤكد أنه، مرض بشري؛ يتحول لدى جماعات إلي وباء، ولدى البعض الآخر إلي عرض يمكن التغلب عليه، على أحسن تقدير.

والحقيقة أن أبناء المجتمع الواحد يصنعون نماذج تقريبية لبعضهم البعض، و تكون أحيانا مسار تندر؛ مثل الطفيليين في الأردن، والحماصنة "أهالي حمص" في سوريا، و المنوفيين أو أبناء الصعيد في مصر، والاسكتلنديون في بريطانيا... إلخ. والأمثلة أكثر من أن تحصى. واحدة من ملامح النموذج الشائع للعربي المسلم في العالم الغربي. نجد صفة واحدة لمعنى متعدد أنه؛ يضيق بالخلاف/ أحادي/ متعصب/ غير متسامح/ لا يستوعب الأخر، وهذا الجانب فقط من النموذج الشائع، سنحاول مناقشته -بأعصاب هادئة- من خلال استحضار عمل فني شعبي عظيم هو السيرة الهلالية، وإلي أي مدى يمكن أن يعكس بطلها هذا الملمح أو نقيضه.

ولنبدأ أولاً بالسؤال المنتظر من هو بطل أبطال السيرة الهلالية؟! من تقاليد الفن الشعبي أن تحمل السيرة أسم البطل، مثل أن نقول سيرة عنترة بن شداد، سيرة الأمير سيف بن ذي يزن، أو سيرة الظاهر بيبرس، أو سيرة ذات الهمة. لكننا لا نجد هذا الأمر في السيرة الهلالية على وجه التحديد، ففي شرق الوطن العربي حين ستسأل من هو بطل السيرة، في الغالب ما تكون الإجابة (أبو زيد الهلالي سلامة). غير أنك ما أن تعبر ليبيا، متجه غرباً، حتى تكون الإجابة على نفس السؤال بأن البطل ليس سوى(الزناتي خليفة) وهل في ذلك شك. أما إذا اتجهت جنوباً فقد تطالعك إجابة مختلفة تماماً،على سؤالك المتكرر لتكون (دياب بن غانم).
هنا هل ستهز رأسك يميناً ويساراً، مكتفياً بالتعجب من هذا الأمر!؟، ومرجعاً الأمر لاختلاف الأذواق! نعم قد تفعل، غير أن مناقشة منطقية مع صاحب الإجابة، ستكشف لك حقائق أقل ما توصف به أنها مذهلة.
السيرة الهلالية لمن لا يعرفها، هي عمل جليل وعظيم يصعب دائماً وأبداً الإحاطة به، ويكفي أن نعلم أنه يزيد عن المليون بيت شعري في بعض الروايات. وهو عمل تتجلى فيه الحكمة الشعبية العربية في تجلي درامي من أجمل وأكمل ما عرفته البشرية من ملاحم. ولكن لننجو من الافتتان بعظمة هذه الملحمة –ولو إلي حين-، نعرض لموضوعها العام في سطور. إنها التجربة الحياتية للحلف الهلالي المكون من قبائل نجد المقاتلة والمدافعة عن قيم الأمة وشرفها، و كعادة الملاحم، هي تستنهض الأمم بذكر أمجادها العسكرية، وبطولات القادة التي أنجبتهم أرضها في السلم والحرب. وتعيد السيرة الشعبية –كما هو معتاد- تاريخ الأمة وتفسره بطريقة فنية حسباً لمعتقدات البسطاء والمحكومين لا الحكام، إنها حكاية الشعب، كما يفهما الشعب، أو كما يحب أن يفهما.

هلال الجد البعيد الذي تنتسب له القبيلة المحاربة قبيلة بني هلال، هو أحد رجال الإسلام الذين ابلوا أحسن البلاء في الدفاع عن الرسول في (غزوة تبوك) –هذا ما تذكره السيرة- فاستحق بذلك التمجيد، ونال نسله فخر البطولة وشرف الفروسية. وفي اللحظة التي تبدأ فيها السيرة، يكون فارس بني هلال المغوار هو رزق بن نايل بن جرامون بن عامر بن هلال، حامي حمي الحلف الهلالي، وهي القبائل المتحالفة مع بني هلال في السراء والضراء، وعبر ملابسات معينة يتزوج رزق من خضرة الشريفة، ابنة الأمير قرضه الشريف حامي الحرمين وحامل مفتاح الروضة الشريفة، و ينجب منها "أبو زيد الهلالي سلامة"، ليكون بذلك جامعاً لطرفي المجد، فهو بذلك شريف من نسل النبي يأخذ ويرث من ناحية أمه الحكمة والعلم، ومن ناحية أبيه مجد البطولة وعنفوان الفروسية، و لا أريد أن أغالي فأقول أن المزاج الشعبي قد طاب له عمل مصالحة فنية حكيمة بين منطقي السنة والشيعة في الحكم، فصنع هذه الجديلة. حسنا ها أنا ذا قد قلتها بالفعل.

وأهم أحداث السيرة وملحمتها الأساسية ما يعرف بالريادة و التغريبة، ونحن نعني هنا بالشق الثاني الذي هو التغريبة لأنه هو ما صنع الاختلاف الكبير في الروايات بل وفي طريقة النظر لهذا البطل من ذاك. التغريبة هي موجة هجرة كبيرة قامت بها قبائل من نجد مخترقة مصر عابرة إلي المغرب العربي، بعد ما مر بهذه الأرض من مجاعة أهلكت الجميع، و استوطنت تلك القبائل أرض تونس، بعد أن زحفت إليها تسوق رجالها ونساءها وحالها ومالها كما يقال، أما تلك الحادثة فلها أصل تاريخي كما هو شائع في الملاحم، وأما تفسير هذا السلوك وتبريره فهذه مهمة الفنان الشعبي، الذي يمنطق هذا الفعل بمنطق غالباً ما يخالف ما حدث تاريخياً، لصالح وجهة نظره الفنية والإنسانية. على أي حال الثابت تاريخياً، أن قبائل؛ هلال، وسليم، ودريد، والأثبج، ورياح، قد هاجرت من نجد من منتصف القرن الخامس الهجري، وأستمر موجات الزحف لما يقرب عن قرن، وقد استطاع عبد المؤمن بن علي إمام الموحدين التصدي لها بعد أن وطنت بعضها واستعان ببعضها على بعض، وأصل الأمر أن هذا الزحف قد تم بتدبير الوزير اليازوري وزير الخليفة الفاطمي في مصر، والذي منح (المعز بن باديس) حاكم أفريقيه عام 435 جرياً لقب (شرف الدولة)، وبدلاً من أن ينحاز المعز بعد هذه المنحة للخليفة الفاطمي، انحاز لعامة شعبه الذين قاموا بثورة ضد أصحاب المذهب الشيعي الاسماعيلي، وبالفعل أمام الثورة الشعبية ناد المعز بإتباع مذهب الإمام مالك وخطب في المساجد للخليفة العباسي(القائم بأمر الله)، وأعترف له الأخير باستقلال المغرب تحت أمرته، جن جنون الخليفة الفاطمي في مصر، من ما يحتسب نصر للخليفة السني في بغداد، فأشار عليه الوزير اليازوري بتحريض قبائل نجد بالزحف على تونس، فكان ما كان. وتصدى لهذا الزحف المعز بجيش مؤلف من قبيلتي زناتة وصنهاجة ويقال أنه هروب زناته بعد بطولاته هو ما حسم الأمر للغازين.

لكن السيرة لا تذكر شيئاً عن الشيعي والسني والخليفة الفاطمي والعباسي، بل تقدم مبرر أخلاقي لهذا الغزو وإن نوهت ولو بشكل متواري على ما حدث، في السيرة أن زناته أو الزناتي خليفة وحلفاءه قد طمعوا في أرض يحكمها الأمير عزيز الدين بن الملك جبر القريشي، فاستولوا عليها بالخداع و قتلوا أشراف في المسجد، فاستعان الشريف القريشي فاستجار الشريف القريشي بأبناء عمومته من قبائل نجد، ليردوا الحق السليب لأصحابه الأشراف، والمتأمل سيجد ظلال التاريخ والخلاف المذهبي من بعيد، فمن الممكن اعتبار الشريف بالنسب يكني به عن الخلافة الشيعية الذي هذا منطقها، على أي حال السيرة لها منطقها. ويفسر ذلك تعدد رواياتها و اعتبار من هو بطلها..

فالرواية في الشرق كما أسلفنا بطلها أبو زيد الهلالي سلامة، الفارس الأسود الحسيب النسيب، الذي تتهم أمه في شرفها لسواده وهي التي دعت الله أن يهبها غلام يماثل الطائر الأسود القوي الذي رأته و اختارته،
" يا أسمر .. والرب حلاك
في جسمي البلا كلموني
لو أسمر قوي برضه عاوزاك
وحتى أن لاموني يلوموني"

"تمنت وطلبت من الله
يعطيها غلام صالح
كي يعمر لرزق دياراه
ويقضي جميع المصالح"

"ويكون قلبه للعلم مشروح
يصلى على البدر (طه)
كان يوم دي باب العرش مفتوح
استجاب الإله دعاها"

وتستجيب لها السماء فتوهب ذلك الذي ببطولته وبالبرهان يتسيد قومه بعد ذلك، وهو الغوث الذي يضرعون إليه في الملمات، وفي أعوام القحط، وحين يهان أشراف المغرب، يقوم بمغامراته الاستكشافية ثم يقود قومه في التغريبة ويعيد الحكم الشرعي لأصحابه، هو العالم المقاتل، صاحب السيف القلم حسب التعبير الأدبي، أو صاحب الحال والمقال حسب التعبير الصوفي.

لكن في رواية المغرب ستجد أن بطل السيرة هو زناته، لاحظ فكرة التأريخ من وجهة نظر الفن، وبطل زناته هو (الزناتي خليفة) هذا البطل، الذي وقف يدافع عن أرضه تونس وبلاده، ضد الغزاة الغاصبين الهاجمين من الشرق، والذين جاءوا ليستولوا على الأخضر واليابس بقيادة الوحش الأسود أبو زيد الهلالي، والزناتي يظهر أقوى وأروع آيات البطولة، ثم المقاومة بعد الاحتلال، وهو نموذج البطل الشعبي المناضل في السيرة، وهكذا يختلف منظور السيرة حسب زاوية النظر.
وكما هو معلوم الروايتين لا تقلل أبداً من قدر بطولة البطل الآخر، مع الاحتفاظ بكونه العدو. بل أن الرواية المغربية تعطي أبو زيد من الأوصاف والمقدرة والبطولة ما تجعله لا يهزم البشر فحسب بل والجان كذلك، والرواية الشرقية تعطي الزناتي من أبيات المدح في مآثره وشجاعته وجسارته ما يفوق الأخرى، كذلك فإن كلا البطلين لا ينكرا قيمة الآخر، بل يكيلا المديح لبطولة الآخر، بل أن بطلاً لا يواجه أخر في السيرة إلا ويعظم من قيمة خصمه، ربما ليكون لتضعيف قيمة الانتصار عليه.

(جالس على الكرسي "خليفة" الغندور
راجل منظره يهيب الأسوده
بطل المغارب نعم وعنده شعور
يا اما فيه ناس حسوده وحقوده).
قلنا أن ثمة رواية ثالثة في الجنوب تنتصر لدياب بن غانم وهو أمر مدهش. فدياب بن غانم ليس هلالياً أصيلاً، بل من الزغابة، وهي قبيلة من قبائل ملحقة بالحلف الهلالي، وهي في المرتبة الثانية من حيث أنهم ملحقون ومحتمون بالهلالية، ودياب مع قوته وعنفوانه يحاول دائماً الاستيلاء على السلطة في غيبة أبو زيد الذي يردعه، وهو نفس ما يفعله في تونس مع الزناتي، لكن رواية الجنوب لا تراه رمز الخسة والبطش، بل تراه البطل المناوئ، هو ليس من السادة والأكابر، وليس من بيت الحكم، لكنه الأمل الذي يمكن للصاعد من أسفل إذا ما أجتهد أن يناله فيكون بذلك قد نال ما يستحق.السيرة إذن ليست تعرض لنمط أحادي من البطولة، ولا تبخس العدو بطولته، بل تفهم الدوافع والأسباب، ومبررات السلوك، وهي بذلك حالة جدل وتحاور بين أنداد على نحو ما، تصلح دائماً للاستلهام.
ياسر علام




Saturday, November 04, 2006

Kastour at the AUC, Tuesday



PVA HOWARD CAFÉ
PRESENTS

Tuesday, November 7th

@ 8:00 PM
Free Admission

Hala Theatre Group
Performing

KASTOUR
(Singing while dressed in commoners' clothes)



We, Hala, are Ahmed Moustafa, Kareem Abo El FatH, Ali Sobhy, Ayman Abd El Raof, Ali Khamis, Dodo, Ahmed Salah, Hani Tahir, Mohamed Essam, Khalil El Awami, Mohamed Abdel Fatah, Yasser Grab, Ismail Mohamed, Reem Higab, Fatma.


Music training and songs choice by: Ayman Helmy

Directed by: Mohamed Abdel Fattah


"We will sing – why not? Don't you like our voices? Well, get into our clothes and you will get our point. We sing our dream, love and pain. Listen by your heart."

Hala_group2000@yahoo.com


Howard Theatre, Main Campus,

access via Sheikh Rihan Street,

Tahrir Square