سيزيف مصري

في الأسطورة الأغريقية، سيزيف في الجحيم وعقابه أن يرفع صخرة من القاع حتي قمة جبل شاهق، وقبل أن يصل بقليل تسقط منه لأسفل، فيعود ليبدأ من جديد، بلا نهاية. ما أشبه ذلك بنا، أولادك يا بلدي

Friday, June 30, 2006

عن قانون السلطة القضائية الجديد سألوني


دولة القضاة
اسرعت الحكومة فى 3 ايام لكى يمر قانون السلطة القضائية...فى نفس توقيت صدور تقرير الخبراء الذى وصل مكتب امين عام المتحدة كوفى عنان ..ويحمل ادانة واضحة لنظام مبارك بسبب القضاة

تقرير الخبراء صدر عن لجنة شكلهاالامين العام من 3 معاونين هم : المقرر الخاص لاستقلال القضاة و المحامين..والمقرر الخاص لحرية الرأى و التعبير..والمقرر الخاص للدفاع عن نشطاء حقوق الانسان..اللجنة كان مهمتها: تقرير الوضع بشأن مصر

وفى التقرير ادانة واضحة لطريقة نظام مبارك فى التعامل مع ازمة القضاة...وعبرت اللجنة عن الاستياء الشديد من الانتهاكات التى تعرض لها القضاة المصريين..واعربت عن قلقها من هجوم الحكومة على القضاة..وانتهاكات الامن ضد المتظاهرين و الاعلاميين.
التقرير اعتبر محاكمة التاديب تفتقر الى معايير المحاكمة العادلة ..وطالبوا الحكومة بالتوقف عن هجومها ضد القضاة و المتظاهرين..وسرعة تعديل قانون السلطة القضائية بشكل يحقق الاستقلال

والتقرير خطير
لانه اولا شديد اللهجة...ويضع نظام مبارك فى حرج شديد على مستوى دولى.
وثانيا لانه سيؤثر على وضعية مصر فى محافل دولية كثيرة.
لا نعرف حتى الان مدى تاثير التقرير ( صدر صباح الخميس)..وهل سيدفع الى خروج مصر من فرص المنح او يمنعها من التمثير فى منظمات هامة..لا نعرف ..كما لا يمكن ان نقول بان سرعة الحكومة فى تمرير قانون السلطة القضائية..مرتبط بصدور التقرير.
لانها ربما تكون مجرد صدفة.
وربما يكون ذكاء متأخرا من الحكومة.
التقرير بشكل ما يفتتح طريق تدويل قضية القضاة...( وهى حملة يقودها المركز العربى لاستقلال القضاء )..خاصة انه صدر قبل ايام من اعلان لجنة الحقوقيين الدوليين ..اختيار المستشار هشام بسطاويسى فى صفة " المفوض" ليكون الثالث من المنطقة العربية.
وهى صفة فخرية تمنح لحوالى 60 شخصية على مستوى العالم تكون قد بذلت الجهد الكبير من اجل تحقيق العدالة و الدفاع عن استقلال القضاء.
التدويل ياتى فى لحظة حرجة تماما
.

1

هل انتهت حركة القضاة..؟!
هل لعبتها الحكومة " صح " ..وامتصت الغضب..وهندست قانونها للسلطة القضائية بطريقة اربكت مجموعة الاستقلال..؟!
هل القانون..مجرد نصف خطوة للامام..؟!
لكنها نصف الخطوة الاخيرة ..؟!
ام انه الامل و المنى من نظام ضد التغيير ..؟!
هذه لم تكن الاسئلة الوحيدة بعد وصول قانون السلطة القضائية الى مجلس الشورى و منه الى مجلس الشعب.
وصلت صباح الخميس صورة من القانون الى نادى القضاة..وذلك اثناء اجتماع لجنة التفعيل ( مهمتها ادارة حركة استقلال القضاة).
هذه هى المرة الاولى التى تطلع فيها مجموعة النادى او اى احد خارج المجموعات الحكومية و القريبة منها.. على نص مشروع التعديلات على قانون السلطة القضائية.
فى الاجتماعات المشتركة لمناقشة القانون ..كانت الاطراف الحكومية تعرض على القضاة مواد متفرقة بشكل شفاهى..ورفضت الحكومة ان ير احد النص الكامل.
لكنها ارسلته للنادى بعد اقرار مجلس الوزراء له فى جلسة الاربعاء...وكان الانطباع الاول :"..خيبة امل".
سمعت التعبير فى مشروع البيان الذى كان المستشار احمد مكى يحاول كتابته بعد انتهاء الاجتماع ولم ينته منه قبل محاولته اللحاق بقطار السابعة الى الاسكندرية.
كنت على موعد مع المستشار محمود مكى وعثرت عليه وسط ورشة عمل نصفها يتابع مع مكى الكبير تفاصيل البيان و وترتيبات الجمعيةالعمومية الطارئة يوم الجمعة 23 يونيو..قبلها ستعقد ندوة استطلاع اراء يوم الاثنين فى النادى النهرى بنيل اعلجوزة.
اما النصف الاخر فيوزع الساندويتشات السريعة.
هذا هو مطبخ حركة القضاة...
جدل سياسى..وقفشات..واعجاب من الشباب بكاريزما و حكايات الجيل الاول..وجو اجتماعى لطيف يكسر الايقاع المتوتر للاحداث...و"عيش و ملح " كما قال لى المستشار محمود مكى و هو يمد يده لى بساندويتش هامبرجر
.

2

الصياغة الاولى لبيان الرد على القانون لم تكتمل بعد ..وسألت المستشار محمود مكى عن تفاصيل الموقف من القانون.
قال :" لا ننكر ان هناك جانب تحقق وسط الضباب الكثيف...ومجرد الدفع بمشروع القانون..بعد 22 سنة كفاح متواصل لاصدار قانون يدعم استقلال القضاء..مجرد الدفع هو مكسب وانتصار اول .."
حققنا انتصار .
اكد مكى و هو يتحدث عن ايجابيات فى قانون الحكومة :
النص لاول مرة على ميزانية مستقلة للسلطة القضائية (مع التركيز على ضرورة التنسيق مع وزارة المالية..)
اشتراط وضع ضوابط موضوعية لتنقلات القضاة وضرورة الاعلان عن الحركة القضائية قبلها اعتمادها بوقت كاف لاتاحة فرصة التظلم
.
القانون كفل للقضاة لاول مرة التقاضى على درجتين فى المسائل المتعلقة بشئونهم..( اى فى حالة محكمة تاديب بسطويسى و مكى)
هذه هى الايجابيات ..اما السلبيات فهى كثيرة كما يؤكد المستشار محمود مكى:

القانون اهدر المطلب الخاص بضرورة تشكيل مجلس القضاء الاعلى ليصبح باغلبية مختارة من القضاة ( الحكومة هنا التى قالت كثيرا ان الازمة داخلية بين المجلس الاعلى ..ونادى القضاة..وبدلا من تشكيل مجلس يعبر عن راى القضاة..ابقت على طريقة التشكيل القديمة كما هى و كانها حريصة على استمرار الازمة).
المشروع الجديد لايقيد رئيس الجمهورية فى اختيار من يريد لعضوية المجلس الاعلى..ولايلتفت لفكرة ان الاختيار يتم اساسا بين اقدم 5 نواب لرئيس محكمة النقض ...والعجيب انهم ينسون ان مجلس القضاء منذ نشاته يقوم على فكرة الاختيار ..وهذه كانت ايام عز القضاء.
ومنطق الاقدمية نفسه لا يتم بطريقة محترمة ولا يراعى الاقدمية المطلقة ..لان المطلوب ليس الالتزام بالاقدمية او باى ضوابط ..المطلوب: هو فتح بابا حق الرئيس لاختيار من يريد فى منصب النائب العام.
لم تلغ فى القانون فكرة خطيرة جدا وهى فكرة الندب و الاعارة..نحن منزعجين منها لانها الباب المفتوح للفساد..وستجد ان هناك علاقة وثيقة بين ندب القضاة و تزوير الانتخابات..فتش عن اسماء قضاة ثبتت عليهم تهمة التزوير ..وستجد ان هؤلاء انفسم هم اصحاب الحظوة المستمتعين بجنات الندب...فى مشروع النادى طالبنا بالغاء الندب لجهات حكومية..وفى حالة الندب لهيئات قضائية..فانه يكون مرة واحدة و لاربع سنوات...مشروع الحكومة اصبح الندب 6 سنوات و قابل للتكرار
.
طلبنا فى مشروعنا ان يلحق التفتيش القضائى بالمجلس الاعلى..لكن الحكومة اصرت فى مشروعها على ابقاءه فى يد وزير العدل اى ان السلطة التنفيذية تراقب السلطة القضائية هو باب جديد للسيطرة على القضاة ..لان التفتيش هو المسئول عن تقارير الكفاءة المتحكمة فى الترقيات.
النقطة الخطيرة التى خلا منها قانون الحكومة و هى المتعلقة بتقييد سلطة رئيس المحكمة فى التفويض.زومنح الجمعية العمومية صلاحية توزيع القضايا وفق التقاليد المعروفة..وهو مطلب يمنع اسناد قضايا بعينها لقاض بذاته...وهذه من اخطر اشكال فساد القضاء.
ادرجنا فى مشروعنا نص يكفل لنادى القضاة الاستقلال عن كل الهيئات التنفيذية..وتكون السلطة الوحيدة عليه هى رقابة الجمعية العمومية..الحكومة قالت انها اجلته لكى تصدر قانون لاحق خاص بالاندية المهنية..لكن هل يتساوى نادى القضاة مع نادى اعضاء هيءة التدريس..او اندية ضباط الشرطة...نادى القضاة نادى سلطة و هو المعبر الوحيد عنهم
.

هل هذه النقطة الاخيرة هى الهدف ..؟!
بمعنى هل كانت الرغبة الخفية وراء تصعيد نغمة الاستقلالية.. هى اضفاء حصانة خاصة على نادى القضاة...؟!
سألت المستشار احمد صابر المتحدث الاعلامى باسم نادى القضاة وقلت له: تردد كثيرا ان النادى فى المفاوضات الاخيرة لم يكن يريد شيئا الا استقلال النادى و اضفاء حصانة مقدسة عليه..اى يصبح "دولة داخل الدولة..".
قال متعجبا : "دولة داخل الدولة ..؟"
واكمل :"..هؤلاء لا يعرفون تاريخ النادى .. ولا تاريخ اى شىء فى مصر.."

3

يحكى المستشار احمد صابر :
فكرة انشاء النادى ولدت فى 10 فبراير 1939
انشاء النادى نقطة فاصلة فى فكرة استقلال سلطة القضاء..والانتقال من مرحلة الرومانسية السياسية الى الاستقلال الفعلى ..وسترى انه بعد اربع سسنوات من انشاء النادى صدر قانون السلطة القضائية فى 1943...ويتضمن نص عن النادى باعتباره يوثق روابط الاخاء و يدافع عن استقلال القاضى.
لاحظ ان استقلال القضاء سابق على استقلال مصر.
كما ان احتلال القضاء ( عبر المحاكم المختلطة ..وغيرها ..) سبق احتلال مصر.
ومعارك السلطة ضد استقلال القضاء كان النادى هو ساحتها.
مع صدور اول قانون عمل اهلى سنة 1958 رفض القضاة تحويل النادى الى جمعية اهلية.
فى 1962 وقعت المذبحة الصغرى..وحل مجلس ادارة النادى..حتى صدر قانون 32 لسنة 1964 للجمعيات الاهلية...وبدات السلطة التنفيذية تضغط لتوفيق اوضاع النادى كجمعية اهلية.
حدث بعدها بيان 1986 ثم وقعت مذبحة القضاء الشهيرة فى 1969 وحل المجلس بقرار رقم 84 .
القرار كان من مادتين الاولى حل مجلس الادارة وتعيين مجلس بديل والمادة الثانية اعداد لائحة خاصة بالنادى.
عاد المجلس..والغيت المادة التى تحله و بقيت مادة اللائحة الخاصة.
اى ان النادى لايتبع جهة فى السلطة التنفيذية و لا يجب ان يتبع لانه يمثل مجمع ارادة القضاة .
ومن الملاحظات الهامة مثلا ان قرار حل المجلس فى المرتين صدر بقرار جمهورى و ليس قرار وزير الشئون الاجتماعية كما يحدث فى حالة الجمعيات الاهلية
.
4

هل نوادى القضاة فى العالم ..مجرد نواد اجتماعية..؟!
المستشار احمد صابر اشار الى ان ميثاق الامم المتحدة فى ينص على حق تكوين جمعيات تدافع عن استقلال القضاء..واكدت ذلك فى ميثاق ميلانو الذى وقعت مصر عليه فى 1989.
قلت له نحن نطبق القانون الفرنسى..ماذا يفعل قضاة فرنسا..؟!
قال : "لديهم نقابات...النادى نقابة تضمن استقلال سلطة كاملة حتى لا تتحول الى محلل مثل السلطة التنفيذية او ديكور مثل السلطة التشريعية .."
نادى القضاة هو الخط الامامى فى الحفاظ على استقلال سلطة..وليس جمعية استهلاكية.
وهذا ما يجعله الهدف الاول..والكبير .
تراه اجهزة السلطة على انه مجرد نادى اجتماعى.
ويصر القضاة على انه قلعة تحمى استقلال السلطة القضائية..وهنا يكبر الخوف من ضربة غير متوقعة على طريقة الصدمات الكهربائية...الضربة هى تشريع مفاجىء ينقل تبعية النادى الى جهة فى السلطة التنفيذية او المجلس الالى بتشكيلته التى تتبع اختيارات الرئيس.
هذه الخطوة ستكبل الحركة.
خاصة مع احتمال ضربة متتابعة توجه للمجموعة المنتصرة فى انتخابات النادى الاخيرة..ليحل محلها مجموعة منتقاة من منتخب المستمعين بمزايا الانتداب و الاعارة.
وهذا يعنى دخول النادى عصر الظلمات
.
5

" هذا كلام فارغ لا يمكن الرد عليه ..ولا يمكن النظر اليه الا على انها تفاهات تسبب القىء.."
انفعل المستشار هشام بسطاويسى و انا اساله:..هل يورط القضاة الدولة فى احكام تصدر بمشاعر سياسية تسعى الى تفكيك الدولة..واضعافها..؟!
هل يلعبون الى هذه الدرجة التى ترى ان حكم نواب القروض..ومن قبله حكم الدكتور مصطفى علوى الرئيس السابق لهيئة قصور الثقافة اثناء محرقة بنى سويف امثلة لاحكام قضائية لها بعد سياسى.
هل يتحرك القضاة وعبر القانون من اجل ادارة مصر عكس اتجاهات السلطة..؟!
لعبة غريبة ..وتشبه تكوين حكومة سرية تحكم من الخفاء..من تحت الترابيزة او من خلف الستار .
هذا يعنى ان القضاةيتعاملون كما لو كانوا تنظيم ..او جمعية تحكم مصر من الباطن.
سالت السؤال للمستشار محمو مكى واجاب بملاحظة هامة:
وهى ان المستشار رفعت السيد الذى اصدر حكم نواب القروض..." لم يكن معنا ابدا..وهو احد وسطاء المساعى المشكورة بين النادى و الحكومةولا يذكر فى تاريخه محاولة احراج الحكومة ابدا.."
"القاضى الثانى شاب..لا اعرفه".
يقول مكى و هو يحاول شرح الالتباس فى ذهن ناس تشعر بالرعب من فكرة انقسام القضاة الى معسكرين كل منهما يحاول ان يصدر احكاما بناء على هواه السياسى.
موضوع شائك اصبح اكبر من فكرة تسرب الاخوان و ركوبهم لموجة القضاء.
الخطر هنا يمس كل شخص ..ويفقده الشعور بالاطمئنان الى سلطة القضاء .
يضحك المستشار مكى وهو يسمع تفاصيل الفكرة التى ترى ان القضاة يريدون العمل بالسياسة..وانهم يريدون حكم مصر..ويبنون دولة كاملة بتغيير الاحكام وارباك النظام..يضحك المستشار بصوت اعلى :"...هذا كلام ناس لا ترى سوى الشواشى "
ويشرح :"..نحن نحاول قدر الامكان الدفاع عن استقلالنا..وان نناى بانفسنا عن السياسة و تلون السلطة التنفيذية....نريد مسافة فاصلة بيننا و بين السلطة التنفيذية حتى لا تأكلنا
.."
ثم .."..وهل تنفذ احكام القضاء اساسا..لكى يقولون ان القضاة يصدرون احكاما سياسية..؟..يا استاذ نحن نصدر احكام تحولها الحكومة بمزاجها الى حبر على ورق..ونتحول نحن الى الضحية بين السلطة التشريعية و السلطة التنفيذية..او الى الحيطة المايلة التى يريدون بها تمرير ما يريدون ..".
مرة اخرى هل يفكر قضاة مصر فى الحكم عن طريق احكام ضد الدولة..؟!
المستشار بسطويسى مازال غاضبا :"..من يصدر احكامه بناء على ميل سياسى ليس قاضيا..ولا يستحق ان يكون ..لكن لماذا يروجون هذا الان.."
وبسخرية مريرة اغلق الموضوع :"..خليهم يجيبوا قضاة من الخارج
...".
6

" نحن فى منتصف الطريق.."
كانت هذه اجابة ملخصة لتصور المستشار محمود مكى عن المرحلة التى وصلت اليها " ثورة " او " ازمة.." القضاة.
المستشار مكى من جناح المتفائلين فى مجموعة الاستقلال..هؤلاء يرون ان مجرد تحريك مشروع قانون يغير وضع السلطة القضائية ..انتصار .
" لاننا لم نغير نص واحد طوال 22 سنة حاولنا فيها تغيير القانون.."
الجناح الثانى اكثر حدة ( راديكالى ) ..يرى انهم فى موقف " لايقبل التفريط ..ويتعين علينا ان نتماسك..خاصة ان مشروع القانون الذى تقدمنا به الى النادى يمثل الحد الادنى ..لم يمثل طموحنا ..لم نحلم مثلا بوضع ضوابط لاختيا رالنائب العام ..الرئيس لن يفرط فى حقه .."
سالت المستشار مكى :هل يعنى هذا انقسام متوقع فى مجموعة الاستقلال..؟!
قال :"لا طبعا ..وكما ترى نحن تنتاقش و نعلن راينا بصراحة..كان هناك اختلاف فى وجهات النظر بين مجموعة ترى اعلان الاعتصام الان ..وقبل ان تجتمع الجمعية العمومية..ومجموعة ترى اننا نتحرك بناء على توصيات الجمعية العمومية القادمة..انا كنت اميل الى المجموعة الثانية لاننى لا احب ان نؤكد الفكرة باننا مجموعة صغيرة نعمل بعيدا عن الجسم الحقيقى.."
الى اى حد يمكن ان يصل الخلاف..؟!
الى لا شىء لاننا نتجمع حول ثوابت رئيسية و هى اننا لن نفرط فى فكرة الاستقلال ..ول نتنزع الحكومة منا قبول او رضا بقانون يحقق استقلال منقوص..لن نوافق ..ربما نغير اليات المواجهة ..والتصعيد.
..ستبحثون عن وسائل النفي الطويل..؟

نحن لا نياس و لا نشعر بالانكسار او الانطفاء...نحن نحاول ان نبقى على مؤسسة النادى...وكما رايت نتداول القضايا بمنتهى الحرية ..وكما يحدث فى قاعات المحاكم ..هناك من يذهب الى اليمبن و الثانى الى اليسار.
انكسر حاحجز خروج القضاة الى الشارع ..والتعبير عن الراى..فهل سيعود القضاة..الى محاكمهم ؟
!
الحركة بدات بوقفة الاسكندرية فى 18 مارس 2005 يومها اخترعنا و سيلة تعبير ..ثم تكررت و كنا نريد ان نقف على سلم دار القضار العالى..لكنهم اغلقوا الابواب فاضطررنا للوقوف فى الشارع لاول مرة ..الناس رات القضاة لاول مرة ..وقفنا بالاوشحة..وكان هذا حدث غير مسبوق...تلاه ربط بين قضية القضاة و المطالبة بالاصلاح..والديمقراطية حتى كان الاعتصام وكان الاقوى لان وجود القضاة فى النادى جعله مزار كل الناي..وحدث نوع من التواصل بين القضاة..والمجتمع المدنى و صل الى اعلى حالته فى الخيمة التى كانت على الرصيف المقابل للنادى..هذا التواصل غير مسبوق..وله ايجابيات و سلبيات.
سلبيات..؟
!
..نعم اهمها ان تفقد عددا من مؤيديك من رجال القضاء انفسهم ..لان الوح منهم يقلق و يتوتر و ينزلق ..لانه يمكن ان يكون مقتنع بعدالة الرسالة ..لكن التصعيد خطوة شديدة عليه.
هنا تصور بانه من الافضل ان تقتصر المعركة على قضاة ضد قضاة او روموز دولة فقط..؟!
لكن لحظة الخطر بجد لابد ان ننزل الشارع بجد..جنبا الى جنب مع الفئات بدون تمييز ...تصبح قضية شعب ..يسعى اليها او يتخلى عنها.لكن لا يمكن الدفاع عن استقلال القضاء وحدنا.
هل هذا يعنى انكم تسيرون باتجاه التصعيد..؟!
نحن نريد فقط ان يكون هناك سد فى مواجهة الماء..تعرف طبعا ان الماء هو السلطة التنفيذية ..التى تجتاحنا فى لحظات تشبه الفيضان ..لكن السد به نخورة ..وخروم..وكلما صلحنا بعضها فوجئنا بغيرها..وهكذا تجتاحنا المياه الهائجة ...اذا تركنا الخروم بدون تصليح.
والى متى ستستمر نظرية الحد الادنى..؟!
حسبما نحقق ..ونتفاعل مع ما يحدث..وربما نحلم فى يوم من الايام بنائب عام محايد.
نائب عام محايد..؟!
نعم نائب عام محايد..معناه انه يمكنك ان تغير البلد فى ايام تعد على اصابع اليد الواحدة.هذا طبعا اذا تحقق قضاء مستقل ..و صحافة حرة
.
7

يعرف القضاة ان هناك محاولات للوقيعة بين الصحافة و القضاء.
وهذا سر قضية " القوائم السوداء" التى سنشهد اول فصولها صباح الاحد عندما يقف الزملاء وائل الابراشى..وهدى ابو بكر ..وعاطف الشامى امام محكمة الجنايات .
القضية ليست من السلطة...بل من القضاء.
وهذه لعبة من الالعاب القديمة.
نعرف ان الصحافة مزعجة .
بل هى ملعب الازعاج الدائم.
والقضاء المستقل صعب على نظام لم يعرفه ان يتحمله .
وهذه هى الجولة التى لا نعرف الى اين تنتهى.
فالنظام يصرخ بان القضاة و الصحفيين يزايدون.
لكن الدكتور مفيد شهاب و المستشار محمود ابو الليل..قالا فى التليفزيون ان القانون الجديد..يسد الثغرات و يعيد استقلال القضاء..وهذا ليس الا اعتراف.
السؤال الان : متى يكتمل ..؟
!

وائل عبد الفتاح
عن جريدة الفجر الاسبوعيه المصري

Thursday, June 22, 2006

البسطويسي: هذه مطالبنا

أقامت نقابة الصحفيين أمس الخميس تكريما للمستشار هشام البسطويسي وحضره المستشار محمود مكي

في ذلك اللقاء الجميل، شرحا موضوع استقلال القضاء ووضحا بعض الأشياء الهامة عن تلك الأزمة، فيم يلي ما فهمته منهما عن موضوع استقلال القضاء، وبعض النقاط الهامة

أولا عن موضوع الاستقلال

أربعة نقاط رئيسية تجسد مطالب القضاة لأنها تعني استقلال السلطة القضائية وتقفل أبواب فساد يتم من خلالها التأثير علي تلك السلطة واتخاذها للقرار

1-
الغاء انتداب القضاة لأي جهة كانت حكومية أو غير حكومية. (هناك مصلحة للنظام في ذلك الانتداب الذي عن طريقه يتم تكليف القضاة بأعمال في مؤسسات وهيئات بأجور وحوافز ومكافآت يمكن استغلالها كأوراق ضغط علي القضاة الذين يفيدون ماليا من تلك الانتدابات. أي أن الغاء الانتداب ليس في صالح القضاة ماليا لأنه يحرمهم من تلك المكافآت ولكنه في صالحهم أخلاقيا، لأنه في صالح استقلالهم.)و

2-
انهاء احتكار قضاة معينين للحكم في القضايا العامة وقضايا الرأي وقضايا الحريات والمعتقلين، ووضع قواعد موضوعية معروفة مسبقا تنهي هذا الاحتكار
3- أن يكون المجلس الأعلي للقضاء بالانتخاب وليس الأقدمية، التي تجعلك علي علم بمن يكون في كل منصب بعد كم من السنين

4-
أن تكون السلطة واتخاذ القرارات في يد الأغلبية (الجمعية العمومية) وليس الرئيس. الثقافة السائدة في مؤسسات الدولة هي وجود رئيس يملك ويتحكم في ويهيمن علي كل شيء – رئيس المجلس الأعلي للقضاء، رئيس الجمهورية... الخ. لا يريد القضاة ذلك. يريدون أن تكون السلطة دائما – وذلك حسب لائحة واضحة وقوانين – في يد الأغلبية وليس الرئيس

ثانيا عن بعض النقاط الهامة


-
طبقا للميثاق العالمي للقضاة فإن لهم أن ينشئوا أي تجمع أو نادي يمثلهم، وبهذا فإن نادي القضاة ممثل شرعي للقضاة ولا ينقصه تصريح من السلطة ولا غيره، لأن شرعيته من الميثاق العالمي للقضاة، ونادي القضاة كذلك عضو في الرابطة العالمية للقضاة، مما يدعم من شرعيته، ويكفي ان مجلسه من اختيار القضاة وجمعيتهم العمومية

-
دعا المستشار مكي للتجهيز لمؤتمر شعبي عام عن استقلال القضاء والحريات عامة، من الآن ليتم بعد ثلاثة أو أربعة أشهر (في أكتوبر مثلا)، لأن ما نطالب به سيتطلب كفاح طويل لنحققه، وعلينا الصبر والتجلد.

-
في عام واحد فقط، كسر القضاة تابوهات عدة كانت تسهم في عزلهم، وهي أن نادي القضاة للقهوة والشاي فقط وليس للاعتصام فيه والمطالبة بحقوق يرونها لهم كهيئة قضائية مستقلة، وليس للقاضي أن يدلي بحديث صحفي، ولا له أن ينزل الشارع، ولا يصرح برأيه في قضية عامة

-
النائب العام ارتكب أخطاء قانونية لو ارتكبها وكيل نيابة لأحالته لمجلس صلاحية، وهو "معزور"، فمن 25 سنة وهو منتدب في وزارة العدل حتي نسي القانون

-
استقلال القضاة ليس مطلب فئوي، ولكنه من أجل الناس وحقوقهم واحقاق العدل. هذا المطلب، الاستقلال، ليس للقضاة ولكن من أجل الناس. القاضي الذي يفرط في استقلاله يفرط في نزاهته وشرفه

-
القانون الذي مرره النظام تحت اسم استقلال القضاء ليس له علاقه بالنقاط الرئيسية التي يريدها القضاة.

-
لولا الناس والشارع لجاء حكم مجلس الصلاحية للمجلس الأعلي للقضاء مذبحة للقاضيين الشريفين ولولا الناس التي ضربت واعتقلت لتضامنهم معهما لكان الحكم غير ذلك تماما، كان سيتم ايقافهما ثم ربما سجنهما.

-
قدم القضاة مشروع استقلالهم من 1991، ربما أن الآن فقط أصبحت الظروف مهيئة لتلك الوقفة التي تأخرت كثيرا، ولكن لكل شيء أوان.

-
القضاة عليهم التأكد من أن القوانين وتنفيذها في الواقع يسمحا للشعب بأن يختار من يحكمه وبأن يغير من يحكمه عندما يشاء، أما تغيير النظام الفاسد فلا يصح أن يكون القضاة وراءه بشكل مباشر لأن هذا يخرجهم عن الاطار الذي يجب أن يكون القضاة فيه. مطلب الاستقلال معول من تلك المعاول التي ستسهم في أن "ننقب ثغرة، ليمر النور للأجيال مرة"

سيزيف


مرافعة للاستاذ نبيل الهلالي

مرافعة الاستاذ نبيل الهلالي
في قضية الاشتراكيين الثوريين
بتاريخ 6 مارس 2004


أشرع في مرافعتي دون استهلالات أو مقدمات منضما لما سبق من دفوع وأوجه دفاع ملتمسا الإذن ببعض الاسترسال دون التكرار وبعض الإضافة دون إفاضة

لقد اعتدنا القول سيدي الرئيس بأن بلدنا المحبوب منكوب بما نسميه ويسميه كل ديمقراطي في هذا البلد بترزية القوانين، يفصلونها على هوى الحكام، لكن في تقديري أن الآفة الأكبر والأخطر تتمثل في ترزية القضايا. يختلقونها ويلفقونها حسب مزاج الحاكم ويزحمون بها ساحات المحاكم.وقضيتنا هذه هي نموذج صارخ لهذا الصنف من القضايا الملفقة. وهي استهدفت تحديداً، وأنا هنا مش عايز أخرج عن حدود الدعوى، الوثيقة التي استندت إليها النيابة لتعتبرها دليل الإدانة الأساسي على نشاط أشرف ابراهيم أنا استخدمها أيضا كدليل براءة أساسي بالنسبة لحضراتكم
هذه القضية لم تستهدف توجيه ضربة أساساً لتنظيم يقولوا عنه أنه تنظيم عاوز يقلب نظام الحكم أو غيره. هذه القضية استهدفت أساساً توجيه ضربة إجهاضية لتحرك شعبي مستند إلى حكم قضائي تاريخي لتنظيم مسيرة شعبية تعبر عن موقف مصر من العدوان الأمريكي وتبدأ من السيدة عائشة إلى السفارة الأمريكية مخترقة شوارع محمد على وهذه هي حقيقة القضية؛ ولذلك المحضر اللي النيابة بتستشهد به ليس محضر سري ولا تنظيم سري وإنما محضر شرعي. وزي ماقال زميلنا الذي سبقني لأن النيابة بتقول إيه في هذا المحضر، النيابة بتقول في محضر اطلاعها على هذا المستند انه ورقة ثابت بها ميعاد اجتماع يوم كذا بمقر نقابة المحامين والاتصال لمزيد عن التفاصيل عن هذا الاجتماع بالأستاذ أحمد نبيل الهلالي!!!

ومؤتمر صحفي للمثقفين المصريين ولمزيد من الاتصال والتفاصيل الاتصال بأشرف إبراهيم المتهم الأول لو أن هذا الاجتماع لتنظيم سري أو لنشاط غير مشروع لماذا أنا لا أقف الآن كما قال زميلي في قفص الاتهام؟ جنبا إلى جنب مع المتهم الأول ولماذا أتشرف بالدفاع عن أشرف أمام حضراتكم ؟ مش بس كده، شوفوا حضراتكم أهمية هذا المستند ، وأرجو من عدالة المحكمة أن تراجع التواريخ لتؤكد هذه التواريخ أن الأمر كله كان مقصودا به ضربه إجهاضية الاجتماع اللي حصل في نقابة المحامين في 11 مارس، طبعا اجتماعات كانت بتحضر لتنفيذ الحكم، وأنا سأتشرف بتقديم هذا الحكم لحضراتكم، أنا جايب صورة معايا
في 11 مارس بدأت التحضيرات على قدم وساق وكان أشرف اللي بيقولوا أنه كان ممثل لتنظيم غير شرعي في اللجنة هو كان دينامو اللجنة كان بيكتب المحاضر وطبعا ده نشاط مشروع المهم أنه ما إن اقترب موعد المسيرة طبعا المسيرة تأخرت لأن مباحث أمن الدولة حاولت تضرب عرض الحائط بها من خلال الاستشكالات اترفض واتحكم ضد وزارة الداخلية بـ 400 جنيه غرامة من محكمة القضاء الإداري المهم إن ميعاد هذه المسيرة اقترب وطبعا كان لابد أن المباحث تختطف أشرف إبراهيم من الحركة الشعبية المناصرة للشعبين العراقي والفلسطيني، في محاولة لإجهاض هذه المسيرة

النيابة والمباحث بيقولوا إن أشرف بيحرض على مسيرات ومظاهرات. أنا أتشرف بتقديم صورة من هذا الحكم التاريخي الذي أصدرته محكمة القضاء الإداري والذي قال بأحرف من نور "إن الدستور أباح للمواطنين الحق في عقد الاجتماعات العامة وتسيير المواكب، وهذا الحق يمثل نافذة للمواطنين للتعبير عن أرائهم يطرحون فيه أمالهم معبرين في شكل من أشكال التفكير الجماعي عن مواقفهم وتوجهاتهم السياسية والاجتماعية والثقافية" وسجل الحكم "إن مصر استوت ....- مين اللي يهز هيبة مصر! أشرف إبراهيم واللي عايزين يعملوا مظاهرات تضامنا مع الشعبين العراقي والفلسطيني ولاً مباحث أمن الدولة؟ حضراتكم الحكم بيقول إيه أما حضراتكم "إن مصر استوت على قمة العالمين العربي والإسلامي في حضارة فريدة وثقافة جعلت منها في ثورات العرب وحروبهم وانتصاراتهم الدولة القائدة وإن تعبير شعبها عن رؤيته في مسألة، رؤيته اللي المباحث بتحاول أن تصادر حق الشعب المصري في ..... ويعبر عن رؤيته، في رؤيته لمسألة مصيرية تتعلق بشعب عربي بات أمراً لازماً يشارك مع الموقف الرسمي للدولة في نبذ كل عدوان أو تهديد به ينال احد الشعوب العربية".و
وبعدين المباحث كانت اعترضت على المسيرة ،المسيرة كانت إيه المفروض تبدأ من السيدة عائشة مرورا بشارع محمد على إلى العتبة إلى التحرير إلى السفارة الأمريكية فالداخلية قالت لا" سيندس المخربون والهدامون في هذه المسيرة أنا باعترض لاعتبارات أمنية" لكن المحكمة قالت إيه المحكمة هنا قالت " إن واجب الأمن أن يحمي هذه المسيرة يمكنها من أن تقوم ويحميها من اندساس أي عناصر تحاول أن تخرب أو تعمل أي عملية تخريبية، وواجب على الإدارة أن تبعد عن التجمعات والمواكب كل راغب في إهدار الأمن العام والسكينة العامة وتفريغ المظاهرة من نبل مقصدها إلى آخر ما سترونه حضراتكم من هذا الحكم
. المضحك بقى في الأمر أنه في الوقت اللي المباحث ونيابة أمن الدولة حاولت تصور هذه المظاهرات كأنها مظاهرات هدامة ومخربة، الإعلام الحكومي تاجربهذه المظاهرات ليبدو أن مصر ديمقراطية، ومظاهرات التحرير وغيرها وغيرها أذيعت في القنوات الفضائية المصرية المملوكة للدولة وأذيعت في الصحافة المصرية. وأنا هاقدم لحضراتكم هنا نموذج كان بودي أن أقدمها بكرة، شوفوا حضراتكم جريدة المساء كتبت ايه عن هذه المظاهرات لان دي مسألة غريبة جدا لأنه في المساء جايبين تصريح لمسئول أمني بيقول إنه لم يحدث أي خلل في هذه المسيرة وأن المسألة كلها تمام التمام لا في حد هتف ضد النظام ولا حاولوا يحرفوا المسيرة عن أهدافها وهذا الكلام ثابت في ما نشرته جريدة "المساء" الحكومية اذا انتقل بعد ذلك مباشرة إلى بعض الإضافة المتعلقة بمادة الاتهام .... المادة 86 مكرر بتاعة التنظيم
أنا طبعا سأتشرف بأن أقدم لحضراتكم بعض الأعمال التحضيرية الكاملة لهذا القانون، المادة 86 مكرر أضيفت إلى قانون العقوبات بموجب القانون 97 لسنة 92 القانون ده عمل إيه؟ أعاد ترتيب مواد قانون العقوبات المتعلقة بجرائم أمن الدولة "ضد الحكومة" اللي حصل أنه قسم التبويب الجديد هذا الباب إلى قسمين: القسم الأول من 86 إلى 89 خاص بجرائم الإرهاب.

الكلام ده مش جايبه من عندي ده من المذكرة الإيضاحية.والقسم الثاني خاص بالجرائم الأخرى اللي بترتكب و مضرة بالحكومة من 89 مكررإلى 102 مكرر. مادة الاتهام دي جاية ملحقة بالمادة 86 يعني الفصل الخاص بجرائم الإرهاب يستهله المشرع بمادة 86 تعرف ما هو الإرهاب في تطبيق هذا القانون. إذن جميع المواد الللاحقة بما فيها المادة 86 مكرر معطوفة على المادة 86 يبقى لما نيجي نفسر أحكام المادة 86 مكرر يجب أن نلتزم بالتعريف الوارد في مستهل الفصل الأول. من الباب الثاني، اللي هو تعريف ما هو المقصود بالارهاب يبقى ما تجيش النيابة تقول لا بأي وسيلة مادام المادة ما تكلمتش عن القوة يبقى أي وسيلة يبدأ بها المشروع تكفي لإدانته طبقا للمادة 86 مكرر، لأنه طالما المادة 86 م موقعها من القانون هوفي الفصل الخاص بجرائم الإرهاب فلابد أن يكون هذا التنظيم تنظيم إرهابي ويجب على النيابة أن تقدم لنا الدليل أولا قبل أن تطالب بتطبيق المادة 86 م الدليل من واقع الأوراق على ان هذا التنظيم هو تنظيم إرهابي

هذا لا يكفي شوفوا حضراتكم يؤكد كلامي تقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية عن هذا القانون الذي قدم في مجلس الشعب.. بيقول " ظهرت في السنوات الأخيرة صور جديدة لجريمة لم يكن يعرفها المجتمع المصري من قبل تتسم بأنها ترتكب بوسيلة معينة هي القوة او العنف أو التهديد ولما كان التشريع العقابي هو أداة المجتمع الحاسمة لمواجهة أي سلوك اجرامي ينال من أمن المجتمع ..فقد أعدت الحكومة مشروع القانون المطروح على المجلس لمواجهة هذا التيار الإجرامي الجديد
يبقى لازم المادة 86 م بتتكلم عن أي وسيلة هي غيرمفصولة عن الوسائل المنصوص عليها في تعديل المادة 86 الخاصة بالارهاب أي أية وسيلة من وسائل الإرهاب الواردة على سبيل الحصر في هذه المادة التي يستهل بها المشرع هذا الفصل من القانون. مش بس كده لما جه وزير العدل في بيانه اللي حاول يقنعنا في مجلس الشعب أنه مفيش خطر، الخطر كله على الإرهابيين مفيش خطر على الحرية ولا الديمقراطية، الخطر كله على الإرهابيين
إن الفلسفة التي قامت عليها التعديلات يمكن إيجازها فيما يلي: "ده كلام صاحب المشروع"صاحب الفرح" !! أولا: إن التدخل التشريعي لمواجهة الافعال الإرهابية قد أصبح ضرورة لا مناص عنها، ذلك أن الإرهاب والتطرف والعنف أمر يرفضه كل مواطن. وبعدين بيتكلم عن الترويج وزير العدل في بيانه النص عندما يقول: كل من روج بالقول ، روج لهذه الجماعات التي تتخذ من الإرهاب وسيلة لها، حزب من الأحزاب يدعو إلى تغيير قانون أو نص من الدستور هذا أمر لا اعتراض عليه" ففيما التخوف اذا" على القانون ويريحونا أما تعطيل الدستور، نص كلام كمال الشاذلي وأكده أستاذ القانون الجنائي ورئيس مجلس الشعب د. فتحي سرور، وأنا أحيل إلى الأعمال التحضيرية حتى لا أطيل على حضراتكم
الملحوظة الثانية طيب نحن بنقول لو علشان نحاكم مجموعة أو جماعة أو تنظيم الاشتراكيين الثوريين بالمادة 86 م يجب أولا أن يثبت أن هذا التنظيم تنظيم إرهابي. طيب فين الدليل على أن هذا التنظيم استخدم القوة أو العنف أو التهديد او الترويج؟هنا بقى هاقول لحضراتكم حتى في حكاية الدعوة إلى تعطيل الدستور والقوانين أنا مش هأطيل في الحتة دي أنا حاجيب لحضراتكم مرجع بالغ في الأهمية ، أنا أعتقد تقريبا يكون المرجع الوحيد في شرح قانون الإرهاب للدكتور محمد محمود سعيد رئيس قسم القانون الجزائي في جامعة حلب سابقا وهو مصري يشرح القانون وبيشرح إيه المقصود من تعطيل الدستور وينتهي كلامه إلى أن تعطيل الدستور غير نقد الدستور ولا المطالبة بتغييره

تعطيل الدستور مدلوله القانوني هو تعطيل الحياة الدستورية، وفيه سابقتين في تاريخنا المصري؛ السابقة الأولى لما إسماعيل صدقي عطل دستور 23 وأصدر قانون بتعطيل الدستور، والسابقة الثانية هي حصلت بعد ثورة يوليو لما صدر الإعلان الدستوري في 10- 12- 1952 بإعلان إسقاط دستور 23 وحل البرلمان. وأدي المقصود بتعطيل الحياة الدستورية لكن استبدال دستور بدستور ده حق لأن الدساتير من صنع البشر ولا يجوز إعطاء حصانة لها
و في مصر بالذات حتى فقهاء الحكومة قالوا ان الدستور مش جامد الدستور مرن بالنسبة لتعطيل أحكام الدستورأن فيه فرق بين تعطيل القانون ونقد القانون. نقد القانون مباح مباح مباح ومن سنة 38 محكمة النقض قالت إيه" نقد القانون من حيث عدم توافر الضمانات الكافية في أحكامه من قبيل النقد المباح لتعلقه بما هو مكفول من حرية الرأي للكشف عن عيوب القوانين." فلو رجعنا إلى مرجع ثاني لمستشار فاضل هو المستشار عماد النجار وأعتقد أنه الآن مساعد وزير العدل في مرجعه الهام "النقد المباح" القانون بحسب الأمد أي الأصل إرادة الشعب بقصد تحقيق خير الجماعة فإذا عن للجماعة من أنه لا يحقق شيء ولا داعي لطاعته" ده مش عضو في تنظيم الاشتراكيين الثوريين ده مستشار فاضل يعني في القانون كما يجب أن يكون القانون" فليس ذلك إلا النقد المباح المبتغى به مصلحة الجماعة وبقى تعديل القوانين أمر لا مشاحة فيه ولم تعرف الإنسانية قانوناً أبدياُ فكيف لا يباح تغيير القانون وحتى كيف لا يباح الدعوة إلى عدم طاعته ده الكلام القانوني السليم وما دام في ذلك خير المجتمع فليتخذ المشرع من هذه الأفكار وسيلة لتعديل القانون، فيما يتعلق بتعطيل المؤسسات، هي أي دعوة كده تبقى تعطيل المؤسسات!

دا تعطيل المؤسسات، يقصد به منع المؤسسات من مباشرة أعمالها و الحيلولة تماماً بين إحدى السلطات العامة وبين ممارستها عملها مثلا من قبيل المنع عدم تمكين الوزارة يعني د. عاطف عبيد جاي يدخل الوزارة مجلس الوزراء يفاجأ بأنهم خطفوه ومنعوه من الدخول؛ هنا تعطيل اجتماع لمجلس الوزراء..أيضا عدم تمكين المجلس النيابي من عقد اجتماع لتفجير المكان المعد لانعقاد الاجتماع.. عدم تمكين قاضي أو محكمة من عقد جلسة محددة لنظر إحدى القضايا،بتقييد حرية أحد العناصر التي تشكل منها المحكمة، أو بالسيطرة على المكان المعين لعقد الجلسة إلخ .. إلخ


.. طبعا النيابة حاولت انقاذ ما يمكن انقاذه ولفت نظري أنه في ملاحظاتها جابت حتة.. حاسة انه مفيش حاجة تسند الاتهام قالت إيه؟ بقى ملحوظة من ملاحظاتها في امر الاحالة " ثبت من اطلاع النيابة العامة على المطبوعات المضبوطة أنها تتضمن.. تتضمن إيه.... ده كلام النيابة الإسقاط على نظام الحكم.. ياسيدي الإسقاط على نظام الحكم شيء
وإسقاط النظام القائم شيء آخر..!!الإسقاط على نظام الحكم يعني ألقّح على النظام..يعني أنغزه لكن إسقاط النظام ده شيء آخرلكن النيابة مشكورة حددت بالضبط إيه الإسقاط على نظام الحكم وبعض القوانين كقانون العمل.. ده كلام ده تعطيل القوانين!

وبعض مؤسسات الدولة كمجمع البحوث الإسلامية والأزهر الشريف.. أنا حاقدم لحضراتكم ندوة كاملة عملتها منظمة من منظمات حقوق الإنسان في مصر يأتي فيها فقهاء إسلاميين، وفقهاء من رجال الفكر بيقولوا إن الدور اللي بيلعبه الأزهر الشريف هو وصاية على فكر المثقف وعلى الإبداع الفكري وهذا المجمع تسبب في مصادرة، مش مطبوعات الاشتراكيين الثوريين اوالشيوعيين المصريين، ده تسبب لضيق تفكيره في مصادرة خمسة كتب لمستشار فاضل من أساطين الفكر الإسلامي 5 كتب صادروها للمستشار سعيد العشماوي ولذلك عمل الندوة دي وكلها بتدين مجلس البحوث لما أنا باعطل ممارسة إحدى مؤسسات الدولة ده كلامغير معقول


سيدي الرئيس نقطة هامة جدا.. آسف للإطالة هنا بقى لفت نظري في كلام الضابط إنه بيتكلم عن نوعين من التطبيق ...أهداف سماها.. أهداف مرحلية وأهداف مستقبلية أنا حبيت هنا أسأله: وضح لي ياحضرة الهمام....واضح إنه كما قال ابتدأ العمل.من 99 يعني سنة ثالثة حضانة في المباحث.إحنا أيامنا لما كنا متهمين و محامين كان مستوى محترم مش القضايا الهزؤ دي.
قال هنا الهدف الحالي المرحلي بتاع النهاردة.. جدول أعمال التنظيم النهارده إثارة الرأي العام بس كده! لكن في النيابة فسر و قال التضامن مع العمال في أي مكان في العالم حتى تتحقق الاشتراكية العالمية.. حرجع لحكاية الاشتراكية العالمية لأن حضرة الشاهد الهمام اللي قبل ما يعمل قضية يقول إنه تنظيم تروتسكي .. لازم يفهم إيه هي التروتسكية علشان يقدر يحبك القضية حبكة معقولة

هنا بيقول إيه.. التضامن ودعوة كل الثوريين من أجل بناء تنظيم اشتراكي ثوري.. أدي كل الهدف الحالي ، وهذا يعتبر الهدف المرحلي للتنظيم..المادة 86 م لم تتحدث عن كل هذه الأشياء أما الهدف المستقبلي، ده كلامه، فهو تغيير نظام الحكم.. آه.. دخلنا بقى في المادة 86 م وإقامة نظام شيوعي راديكالي متشدد وتغيير مؤسسات الدولة .

يبقى إذن كل الكلام اللي النيابة تقوله أو المباحث بتقوله حاجة داخلة تحت عنوان "الأهداف المسـتقبلية" وهنا بقى لازم هنا.. قال الأهداف المستقبلية هي تغيير الدستور وتغيير مؤسسات الدولة هنعمل ميلشيات عمالية وهنعمل مش عارف مجالس عمالية إلى آخر هذا الكلام الذي لا أثر له في الأوراق.. يبقى إذا عدنا للمادة 86 م لا نجد أنها تتطرق إلى كل هذا الكلام.

. إيه حكاية الثورة الدائمة.. هم بيقولوا إن التنظيم ده مؤمن بالثورة الدائمة أنا هنا حانطلق" مش هادخل بقى.... ما احناش في مجال شرح المواضيع السياسية أنا حالتزم بمفهوم المباحث".. إيه هي الثورة الدائمة.. الثورة الدائمة معناها إيه حسب ما بيقولوا معناها إن ماباقومش بثورة اشتراكية أو أنشأ نظام شيوعي في بلد لوحده لازم الثورة العالمية تقوم في كل أنحاء العالم وبناء عليه نقيم النظام الشيوعي في كل أرجاء الأرض

شوفوا حضراتكم هذا الكلام معناه براءة هذا التنظيم من تهمة المادة 86 م لأنه هنا هو بيقول إيه في التحريات عن التنظيم في ص 2 "إن النضال من أجل الاشتراكية لابد أن يشمل كل دول العالم، حيث أكدت تجربة الثورة الروسية أن الثورة الاشتراكية لا يمكن أن تحيا في بلد واحد وستتحول كما تحولت روسيا والصين إلى بلد رأسمالي" .. يبقى هذا التنظيم إذا كانت روسيا كما تقول المباحث والثورة التروتسكية حسب هذا المفهوم عاوز يعمل النهارده دولة اشتراكية في بلد واحد هو مصر يبقى لازم يعملها في إطار ثورة عالمية حسب المفهوم التروتسكي. طيب يبقى إذن أنا عاوز أسرح في الخيال إذن الكلام حسب مفهوم المباحث ودون ان اتدخل يبقى إذن مفهوم تروتسكي عند مباحث أمن الدولة لا يعاقب عليه القانون لأنه حلم بعيد الأمد

يعني القانون لا يعاقب على الأحلام ولا يعاقب على الأماني. . يعني إذا كان المثل بيقول الجعان يحلم بسوق العيش.. المباحث عاوزة تصادر حق الجياع في أن يحلموا بنظام مستقبلي يوفر لهم لقمة العيش ويوفر لهم الحياة الكريمة!!
. إن رسالة قانون العقوبات في أي مجتمع من المجتمعات هو حماية المجتمع من خطر حال يتهدده فعلا وأساس التجرم هو قيام خطر الحال وليس خطر وهمي أو خيالي أو افتراضي أو احتمال مازال في علم الغيب
.. شوفوا حضراتكم بقى المادة نرجع بقى للمادة 45 عقوبات أنا عاوز هنا أقول إيه إنه..أنا هاختم النقطة دي بحكم صادر للتنفيذ مش صادر حتى من محكمة ذات صفة دستورية.. ده صادر من محكمة عسكرية عليا
يعني احنا لنا موقف حازم وحاسم من المحاكم العسكرية لكن في هذه القضية بالذات أثر هذا الحكم المبدأ كانت القضية الانتماء إلى تنظيم الجهاد.. والمحكمة حكمت ببراءة 96 واحد من تهمة الانتماء لتنظيم الجهاد وقالت إيه
" أما ما قاله المتهم عن فتح الأرض بعد التمكين فهو أمر لازال في طيّ الاحتمال بعيد المنال، زي الثورة العالمية، وليس في قدرة أي من الجماعة اللجوء إليه حاليا يكاد يصل إلى مرتبة الجريمة المستحيلة فإن هذا كله لن يكون طبقا لرأي المتهم الذي ذكره إلا بعد أن يزيل الله الكافرين ولا يستطيع أحد ولا النيابة ولا غيرها أن يحدد هذا الوقت ولو على سبيل الاحتمال أو التقريب أو حتى مجرد الظن "

سيدي الرئيس. بعد ذلك أنتقل إلى نقطة سريعة في المادة 80 فقرة د اللي هي بتاعة الاتصال بالمنظمات الأجنبية والهيئات أولا أنا بدفع بتجهيل التهمة لأنه أوراق الدعوى خالية من تحديد معلومة كاذبة واحدة، مش كلام مرسل، معلومة كاذبة واحدة قام المتهم بنشرها في الخارج مفيش .

عظيم يعني إيه معلومات كاذبة عن انتهاك حقوق الإنسان، عن مصادرة الحريات عن التعذيب مفيش !! ولا اتهام كما وردت في أمر الإحالة! مقولة واحدة.. خبر

ثانيا: انتفاء الدليل على أن المتهم نفسه ده بعت أي خبر من هذه... لأنه حتى المباحث لما ضبطت أداة الجريمة المزعومة اللي هي الكومبيوتر لم يثبت بالدليل المادي أنه استخدم في إرسال أي خبر من الأخبار المزعومة المدعية.
ثالثا: أنا بدفع بانعدام المسئولية الجنائية لوجود سبب من أسباب الإباحة فيما يتعلق بجريمة المادة 80 فقرة ب لأنه حتى لو أن أشرف استخدم أو أرسل أخبار عن التعذيب أو أرسل أخبار عن الحد من الحريات إلى منظمات حقوق الإنسان في الخارج هذا حق وهذا واجب.. زميلي الأستاذ سيف أشار إلى المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان..أنا حاقدم لكم العهد الدولي لحقوق الإنسان المدنية والسياسية ينص في الديباجة بتاعته:"إن الدول الأطراف في هذا العهد اذ تدرك أنه على الفرد الذي تترتب عليه واجبات إزاء الأفراد الآخرين وإزاء الجماعة التي ينتمي إليها مسئولية السعي إلى تعزيز ومراعاة الحقوق المعترف بها في هذا العهد".. وبعدين جابت المادة 19 برضه اللي أشرت إليها.
واذكر هنا بموقف للمسئولين كان موقف حرج جدا لأنه هم رايحين يحضروا.. الوفد المصري ده كان رايح يحضر احتفالات إعلان عالمي لحماية نشطاء حقوق الإنسان في نفس الوقت كانت المباحث العامة، بغباء شديد، بتحرج الوفد المصري وعلى رئاسته سيدة مصر الأولى لأنها قبضت على أمين عام المنظمة المصرية لحقوق الانسان اللي النهاردة تم تعيينه عضو المجلس القومي لحقوق الانسان
.. شوفوا حضراتكم هذا الإعلان يؤكد أن حقوق الإنسان عالمية وأن هذه العالمية تستند إلى أولوية احترام الكرامة الإنسانية وأنها تسمو على الأيديولوجي

. ايضا يؤكد بشدة حق كل إنسان في المساهمة في إعمال تلك الحقوق بمفرده أو في إطار جماعة حتى لو كانت جماعة اسمها الاشتراكيين الثوريين ونؤكد أن هذا الحق يشمل أي عمل كان خاصة الأعمال الموجهة لحماية الضحايا أو تعزيز حقوقهم دون أي حق أو قيد فيما عدا تماشي هذا العمل مع الإعلان العالمي ويشمل هذا الحق بصفة خاصة الجوانب الآتية، بيفصل،:

حق المرء في الدفاع عن حقوقه وحقوق غيره يعني أنا لما أسمع أنه فيه واحد بيتعذب لازم أبلغ المنظمات الدولية وأقول لهم إلحقوا فيه مواطن مصري شقيقي بيتعذب في السجن.الحق في الحصول على المعلومات وحرية عقد الاجتماعات وحرية التعبير والاتصال بالمدافعين عن حقوق الإنسان وحق هؤلاء المدافعين عن حقوق الإنسان في تبادل الاتصال فيما بينهم.وحقدم حضراتكم بقى حكم المحكمة الدستورية العليا بيؤكد حق تدفق المعلومات
أكثر من كده! ها اقدم لحضراتكم نص الحكم الصادر من محكمة النقض ببراءة د. سعد الدين إبراهيم اللي كان اتحكم عليه بـ 7 سنين بذات التهمة إنه بعت تقارير لمنظمات دولية بيقول فيها أنه حصل تزوير في الانتخابات وبيقول فيها أن هناك اضطهاد للأقباط في مصر . وقالت النيابة إنه إساء لسمعة مصر.. محكمة النقض ألغت الحكم وأرست مبدأ بالغ الأهمية قالت فيه "أن ما أرسله الدكتور سعد الدين إبراهيم لا يعدو فيما يتعلق بتزوير الانتخابات وهموم الأقليات أن يكون رجع صدى لما نشر في مؤلف أو تناولته الصحف أو تردد في دعوى قضائية مما لا يستعصي مع ثورة الاتصالات أن يصل العلم به لمن يطلبه من خارج البلاد ومن ثم فإن إرسال المتهم شيء من هذه المعلومات او الابحاث سواء كانت أصلا من إعداده أو أجراها غيره إلى جهة معينة في الخارج ليس في هذا الإرسال على ما سلف ذكره ما يتضمن إخبارا كاذبا ولا إشاعة ولا إذاعة كاذبة إلى آخره "

اللي أنا حاقدمه لحضراتكم يبقى بعد ذلك هل صحيح أن مفيش تعذيب في مصر؟ أنا أطالب النيابة أن تقيم الدليل على أنه أنا إذا كنت بعت خبر أقول أنه فيه تعذيب في مصر النيابة تكذبني هيه اللي عليها عبئ الاثبات تقدم لي الدليل أنه مفيش تعذيب في مصر.. مئات التقارير الصادرة من الطب الشرعي في قضايا الإسلام السياسي اللي بتسجل التعذيب الوحشي البشع للمتهمين. وأحكام محاكم الطوارئ اللي أهدرت الاعترافات في هذه القضايا استنادا الى التقارير الطبية أنا حاقدم الدليل .. مطبوعات صادرة في مصر وترسل إلى الخارج صادرة من مراكز حقوق الإنسان في مصر تفضح الصورة البشعة للتعذيب الذي يجرى في سجون ومعتقلات مصر بعد ذلك اعتقد أننا نقرب على نهاية المسألة.
سيدي الرئيس.. أنا آسف إذا كنت أثقلت.. إنما عايز أقول كلمة أخيرة. النيابة تعتبر إنه لسه في حد بيتكلم عن الاشتراكية، إنه لسه مش عايزين كلام هدام ومش عارف إيه.. النيابة يبدو عندها معيار غريب جدا.. إيه المباح وإيه غير المباح في التعبير عن الرأي

. التعبير عن الرأي مش حدود الإباحة فيه اللي على مزاج الحاكم أبدا.. بل بالعكس.. أنا من حقي أن أخالف الحاكم وأخطّئ الحاكم وأهاجم الحاكم..
مش أنا اللي بأقول هذا الكلام.. شوفوا حضراتكم الكلام ده وارد في حكم أصدرته المحكمة الدستورية العليا. قالت فيه. "إن المقياس مش مقياس إيه اللي يتفق مع رأي السلطة أو الحاكم، بالعكس، هنا يجب أن تكون الحرية الكاملة للمواطن في أن يعبر عن رأيه

يبقى بعد ذلك إنه أقول..سيدي الرئيس وحضرات المستشارين.. النيابة بتتكلم عن الجماعة دول عملوا تنظيم سري.. إيه سري وإيه علني؟ سري وعلني إستناداً إلى معايير وضعتها تشريعات غير دستورية! الدستور يكفل حق تكوين الأحزاب، ولما يحيل إلى القانون لتنظيم هذا الحق لا يبيح أن القانون يمنع تشكيل الحزب. فلما ييجي قانون غير دستوري يقول لي إن الحزب ده يبقى شرعي لمّا آخذ رخصة! هو الأحزاب بوتيكات! عاوزة رخصة من الحكم المحلي علشان يفتح الحزب! شوفوا حضراتكم.

الحظر التشريعي المفروض على الأحزاب يجب ان يوارى التراب وتشديد الحساب وتغليظ العقاب لن يسعف ولن يجدي.. مش القوانين غير الدستورية اللي هتمنع المواطنين المصريين من حقهم في إنشاء أحزابهم مهما كانت هذه الأحزاب وحتى لو كانت رغم أنف الحاكم. الحزب السياسي يظل أولا وأخيرا نتاج الضرورة الموضوعية.إذا توافرت هذه الضرورة يبقى هذ ه هي شهادة ميلاد الحزب حتى لو اعتبرتها مباحث أمن الدولة حزب ساقط قيد. وإذا انتفت هذه الضرورة فهذه هي شهادة وفاة الحزب حتى لو حاول أنصاره تحنيط جثة
بعد ذلك أقول أنه من المؤسف جدا أن تطرح على حضراتكم هذه القضية في وسط الضجيج والأهازيج حول إصلاح سياسي وانفتاح ديمقراطي مزعوم موعود! وهذا يضاعف من مسئوليتكم ومسئولية الهيئة الموقرة لأنه في ظل هذه الضجة الكبرى حول الانفتاح الديمقراطي وفي ظل الهجمات الموجودة من الخارج والضغوط التي نرفضها تماما لكنها تستغل الوضع غير الديمقراطي في مصر لتفضح من كان محل رضاء من قبل. شوفوا حضراتكم.. اختلاق هذه القضية قاطع الدلالة على أن الدولة في مصر، وأنا بأصفها دائما عندما أتحدث عنها بأنها دولة بوليسية، ماضية في ثبات في مصادرة الحريات
إن محاكمة المتهمين في القضية الماثلة بالمواد المستحدثة لمكافحة الإرهاب دعابة سمجة لا تضحك وانما تبكي لانه ليس في اضباطنا لا مفرقعات ولا أسلحة..!!مجرد أوراق وأفكار، والفكر الإنساني لا يرعب ولا يرهب إلاّ أعداء الإنسانية و اذ أودع المتهمين أمانة في أعناقكم
إسمحوا لي أن أختم مرافعتي بأن أعبر عن ثقتي الكاملة في أن ترزية القضايا مهما تفننوا في الاختلاق ومهما أتقنوا فنون التلفيق سيكونوا عاجزين لا محالة عن تضليل العدالة؛ لأن العدالة تظل لها عينها الساهرة، وهي دوما قادرة على انتشال الحقيقة من تحت ركام الأباطيل..وآسف للإزعاج والإطالة، وشكرا
أ.أحمد نبيل الهلالي

Tuesday, June 20, 2006

عن مسرح المخرجات في مصر


مسرح المخرجات
فعل الطموح و لهيب الجموح

بقلم: ياسر علام

واحدة من أدعى الأمور بالملاحظة والتي يطيب لنا مشاكستها –في هذا المقام، هو حضور هذا العدد-غير القليل- من المخرجات في المشهد المسرحي الحالي.

وبالرغم من التزايد الكمي والكيفي لمساحة هذا الحضور، إلا أن المساحة التي يشغلها في الساحة المسرحية يتمركز في شريط ضيق، نعني بذلك أنه بالرغم من تكاثر المخرجات، إلا أن هذا التكاثر لا يتم إلا في قطاعات محددة للغاية، والملاحظ أن تلك القطاعات تغطي الهامش الفني الفرجوي تقريباً.

من المعلوم أن القطاع الأكبر من المتفرجين -في هذا البلد الأمين- يتجهون للمعتاد، وبالتالي سيشغل قطاع مثل المسرح المستقل على سبيل المثال هامش من هوامش الفرجة، وبالمثل سنجد مسرح الهواة يشغل هامش أخر، و كذا المسرح الجامعي سيشغل هامش ثالث، على حين ما يكون مركز وقلب الفرجة، والذي تحيطه وتشغله أعداد من المتفرجين يصعب مقارنتها بمتفرجي وجمهور تلك الهوامش سالفة الذكر، مركز الفرجة هو مسرح الدولة والقطاع الخاص، ليتشاطرا حتى الآن كعكة المشاهدة، وبالتالي ينالا الاحتفاء والاهتمام من قبل غالبية المؤسسات الإعلامية، وبخاصة الحكومية منها. غير أننا لا ننكر سطوع فلاش -ولو بين الحين والآخر- فينير على شاغلي الهامش هؤلاء، ينير عليهم حيناً، وحينا ينير لهم.

الشاهد أن المشهد المسرحي في هوامشه المختلفة سالفة الذكر، يحوي حضوراً لمخرجات مسرحيات يتزايدن يوماً بعد يوم، وهو الأمر الذي يدفعنا للتساؤل حول أسباب هذا التكاثر، وطبيعته، وطموحات صناعه، والسيناريوهات المحتملة لتطويره في ضوء معطيات الحاضر، ومدى اشتباكه فنيا وفكريا مع دعاوى الانتصار لحقوق المرآة، وربط ذلك بمنطق العصر عموماً.

وقد عمدنا للتحاور حول هذه الموضوعات مع مخرجتين تمثلان جيلين مختلفين، بما تحملاه من حساسيات ورؤى مختلفة،
أولهما هي عبير على المخرجة ومديرة فرقة المسحراتي، وهي الفرقة المسرحية المستقلة التي أسست في النصف الأول من تسعينات القرن العشرين، وهي من أكثر الفرق دأباً، وتنظيماً، واجتهاداً في مشروعها الفني، ويرتبط مشروع الفرقة بالعمل على التراث الفني، وامتداده الاجتماعي أو وجذوره الاجتماعية، و لعبير على اجتهاد ملموس في تدريب الحكي، واعتماد السرد، واللعب به، بل وانتقاء أنماط سردية متباينة واللعب عليها، وقد استحدثت شكل فني لفريقها يعرف بـ(السهراية)، وهو شكل يجمع بين الغناء الجماعي والبوح من خلال سرديات، و يقوم على الاقتصاد في الحركة، وهي أقرب لجلسة سمر مسائية فنية تدور بين متاعب الجد في العمل، والترويح عن الذات باللعب الفني.
إما الثانية التي حاورناها في نفس الموضوعات فهي ريم حجاب مخرجة وممثلة وراقصة، وهى تمثل الموجة الثانية من تيار المسرح المستقل في مصر، حيث بدأت تظهر كمخرجة منذ ما يقرب من سنوات قليلة، قدمت فيها عدة عروض متميزة، تدور في فضاء الرقص المسرحي الحديث، وتميل للتجريد الفني، والبحث في العلاقة ما بين الكلمة والجملة والحركة والمشهد وعلاقة كل منهم بتراثنا الاجتماعي الذي أفرزه في امتداده التاريخي والجغرافي، وتتميز ريم بالاقتحامية والجسارة والتمرد ولكن في إطار فني محسوب يعكس وعيها بخصوصية مجتمعها وطبيعته.

تقدم عبير على نفسها بوصفها مخرجة مهتمة بالمسرح والفلكلور؛ الفلكلور من حيث هو الهوية الثقافية وخصوصية جماعة في جغرافيتها، وتؤكد أن الهوية بالنسبة لها ليست مفهوم قبلي، ولكن هو وعي بالذات، وبالإضافة التي يمكن تقديمها للحضارة الإنسانية، فتقول :" لا أصالة للمقلد لغيره، أنت تعرف نفسك بشكل مباشر وأنت ترصد فعل الإضافة للغير، والفلكلور هو التاريخ الحقيقي، والمسرح هو اختياري لمثل هذا التعرف" تختار عبير المسرح رغم أنها تراه فن بلا ذاكرة، وهي تعني بذلك العرض المسرحي ذلك الذي لا يمكن أن تراه ثانياً بعد مئة عام مثلاً، وهو هذا الفن المرهق والمتصارع مع السينما والتليفزيون وغيرهما من أجل الثبات في موقعه الذي أحتله بكونه فن اللقاء الحميم المباشر بين الفنان والجمهور. وعن خصوصية مشروعها تقول "أهتم بالحكي، بالبوح، في هذه اللحظة بالذات، لأننا في هذا الزمان نحن في أشد الاحتياج للبوح "للسهراية" التي هي تبادل البوح، لأنه بعد انهيار كل الايدولوجيا، انتصرت التيارات التي تعتمد الحركة والموسيقي فحسب، مضت هذه اللحظة والآن صارت الحاجة للبوح أمس، وصرنا جميعاً للبوح أحوج"
ريم حجاب حين تقدم نفسها فنياً ترتكز على مادة عرضها نفسها أو على أراء الآخرين فيما تفعل فتقول "حين أريد أن أقدم نفسي بشكل عملي أقول تعالوا شاهدوا عروضي لتعرفوا من أنا! مخرجي المسرح يعتبروني مصممة رقص وراقصة، و مصممي عروض الدراما الحركية والرقص الحديث يعتبروني فنانة مسرحية، وأنا أدور في الفضاء المتحرك بين الرقص والمسرح، بكل الأسلحة التي أمتلكها من هذا وذاك، وبالاقتصاد والتكثيف أحول أن أصل لتأثير مركز في مكان وزمان العرض، أحول أن أصنع فرجة تستحق الفرجة"

تستاء ريم من تسمية مسرح المخرجات ولا تراها تعكس معنى حقيقي أوموجود، بل و تسخر متسائلة: لماذا لا نسمع عن مسرح الذكور بالمثل،نحن هكذا نجعل الأمر مثل مسرح المعوقين مثلاً، دعونا نلتقط أشياء تحليلية لا تصنيفية وعلى أساس جندري (الجندر هو التصنيف على أساس النوع ذكر/أنثى)،المخرج هو أبن ثقافة ومكان وتاريخ شخصي والأمر بهذه البساطة، هل قضايا المرأة هي حكر على المرأة! أنا أكره حزلقات من هذا النوع وغير معنية بدراستها، الفعل الإبداعي هو فعل أكثر تلقائية ودعنا ندع تلك الأمور للنقد" وتعود فتؤكد في حسم" ما يعنني أنا مشروعي لا تصنيفه، ومشروعي جوهره: ما ينغص عليك، وتريد أن تقوله لمجموعة تجمعهم في غرفة مظلمة، ما تريد أن تقوله لهم حتى لو كانت كلمة (بخ)"

لكن عبير على لها منطلق مخالف فتؤكد وجود مسرح المخرجات كحقيقية، وإن لم يكن تمثيل حقيقي لوجود المرأة، هو حقيقي -نعني مسرح المخرجات- نعم لكنه جنيني، فهي ترى أن وجود 100 كاتب ستجد منهم 10 حقيقيين ليس أكثر، وتضيف: "بالمثل 100 مخرجة لا تتصور أن تجدهن جميعهن حقيقيات، أو تجد لهن جميعاً مشروع، فما بالك حين تريد أن تمثل مشروعاتهن الجادة تيار مثلاً، وقتها نستطيع أن تتحدث عن مسرح مخرجات بارتياح، هو حقيقة أتلمسها وفي الوقت ذاته أرها جنينية، تصور أن فاطمة اليوسف أو نعيمة وصفي كمخرجات من الزمن القديم كان لهن ولغيرهن تجارب فردية، ولكن متباعدة وغير موثقة لذا ها نحن نعي ذلك، وهذا الوعي ذاته خطوة تأسيسية،" هي ترى أن المسألة شديدة التعقيد، فكل عام تتخرج مخرجات من أكاديمية الفنون مثلاً من قسم التمثيل والإخراج، لكن كم منهن تمارس الإخراج!؟ وتضيف لهذا التساؤل حقيقة هامة حين تقول: "الخبرة الإخراجية مسألة عملية أكثر منها نظرية، مشاكل الإخراج كثيرة، ولا تقف عند الإبداع الفني، بل يتدخل فيها خبرات إدارية يجب توافرها، وكتيبة المقدمة هذه ستخوض هذا المخاض، وتقدم الخبرة، فنقص الخبرة كارثة تهدد أي مشروع، وهناك ما هو أكثر من ذلك يهدد هذا الكيان جنيني، وتهدد أي مشروع جديد عموماً، الكل يعلمها، لكن الغربلة ستبقى ما ومن يصلح"
هنا تنقلنا عبير على للسؤال حول السيناريوهات المحتملة لتطور هذا الكيان- الجنيني على حد وصفها- تطوره مستقبلاً في ضوء معطيات الحاضر؟!

تراهن عبير على مشروع مثل الذي يقوم به بعض الباحثين في قسم المسرح بجامعة الإسكندرية هما المخرج د. أيمن الخشاب، والمخرج والباحث جمال ياقوت وهو مركز تدريب للمخرجة، وهو مشروع تدريبي يدعم ببعض الخبرات والاتجاهات العملية، وينتج هذا المشروع التدريبي مجموعة من العروض كمشروع تخرج، ويحوي ورش لحرفية الممثل،و تكاملية عناصر العرض، وخبرات المواجهة، وتعتمد خريجات المشروع كمخرجات، تقول عبير : "ها نحن نشهد بأن التجربة كانت بحاجة لرحم أبوي لتتم، أضف إلي ذلك أنها ستمنح فرص عمل للمخرجات سيحاول توفيرها القائمون على المشروع، ثم هناك ملتقى المخرجة المصرية، هذا الالتقاء،والطموح كفيلين بتقوية المشروع وتجاوز العثرات، لأنه لا بدايات بلا عثرات"

ريم حجاب اتساقاً ما استيائها من منطق مسرح المخرجات تتساءل أكثر منها تجيب، " أي سيناريوهات مستقبلية!؟ السيناريوهات ممكنة حين يحدثني أحد عن ملامح مشتركة، وعناصر جمالية للمخرجات المسرحيات! نحن نواجه واقع له ظروف، وحين تراهن على تطور سيكون التطور مسألة مرتبط بالإنسان المبدع لا بالنوع، الزمن هل ينتصر للمجيد والحقيقي أم لنوعه!"
بناء على ما سبق طبيعي أن تذهب ريم حجاب للاعتقاد بأن مسرح المخرجات هو موضة تساوق توجه عالمي للانتصار لحقوق المرأة، ولكنه هنا لا يتجاوز الموضة والتقليد الذي دأبنا في مثل هذه الأمور، إنه والكلام لريم :"تيشرت أميركي لجيفارا، لكم سيسعدني عمل مهرجان للمخرجين الذكور، أو يوم للرجل العالمي، الجميع واقع هنا تحت طائلة المظالم والمشاكل، وواقع الرجل سيء بالمثل، أنا أهتم بالظلم بالمعنى السياسي، لكن أتصور أن اتجاه دعم حقوق المرأة وما شابه يتم استخدامه من قبل الخارج كثيراً بشكل سياسي، الحقوق عموماً صارت كلمة تستدعي قلقي، يجب أن نكون واعين بقضايانا و بصراعاتنا وإلا نستخدم، أن نخلق لغة للتواصل مع جمهورها، لتطرحا همكما، لكني لن أقف فأتعرى لأقول أنا حرة، يجب أن تصدم الجمهور ولكن لدرجة محتملة، لكن الانجراف ليس نضال"
ريم تعود فتؤكد "هذه أرائي فيما يخص تجربتي،لكني لا أعتبر من يجرفهم التيار مخربين أو عملاء للغرب أو ما شابه، ليس لدى الصلاحيات ولا القدرة ولا المعطيات الكافية للحكم على ده. لا أستطيع أن أقول أنه تيار مذنب أو غير مذنب". قالت ريم ليس لدي الصلاحيات ولا القدرة ولا المعطيات، ولاح لي أنها كانت تريد أن تضيف أنه ليس لديها حتى الرغبة في فعل ذلك لكنها لم تفعل.

تعترف عبير على بحقيقة أن البعض لا يكون دافعهم إلا ركوب الموجة، والمراهنة على دعم ملفات حقوق المرأة والاضطهاد وغيره، لكنها ترى ذلك جزء من المشهد فحسب، و تغص أكثر في المسألة حين تربطها بسياق لحظة الانكسار الحضاري التي يعيشها العالم فتقول :"في لحظات الانكسار الحضاري مثل اللحظة الراهنة، ستجد دائماً حالات تشرذم وبالتالي تجمعات وجيتوهات، ستجد جماعات تستشعر الاضطهاد، نساء يتجمعن معاً، جماعات متقاربة عرقياً أو جنسياً أو فكرياً، وهذا من معالم الأزمة هذا تفسيري، لكني لا أنكر حقيقة استخدام هذه المشاعر بغرض سياسي من قبل مؤسسات وكيانات لها مصالح، فتظهر في مظهر من يريد حل الأزمة بينما هو يتمنى زيادتها لأنها تعطي لوجوده مبرر، طبعاً في عالمنا الثالث سنجد هناك من يهتم بهذه الأشكال من باب الموضة أو حتى العمالة، لكن هناك من يؤمن بالفعل بهذه الشعارات، فهل تطالبه بالتخلي عنها فقط لأن الغرب مثلاً ينادي بها؟! تحت الشعار الواحد ستجد الفاسد والمؤمن بحق"، هذا التصور الذي تقدمه عبير ترى الحل في مواجهته يكمن في ما تطلق عليه التحالفات الوقتية المشتركة والمشروطة، هي لا تستنكر أن تضع يدها في يد من تشك في نواياه، فإذا ما نجح الشعار الناظم في التحقق -حتى لو كان للبعض مكاسب فردية ورخيصة- فنحن الرابحين في النهاية، والممارسات الإيجابية والنجاح الحقيقي قد يحوله عن هذا المسار و يضبطه.

وحين تحلق عبير علي في هذا الأفق تحفزنا لتجاوز الذات الفردية فيكون سؤالنا التالي للذات ماوراء الفردية فنقول: تربط بعض الدراسات الإنثروبولوجية والإيمدجولوجية بين المرأة وثقافة الصورة، والرجل وثقافة الكتابة، وتمثل ذلك في المجتمعات الإمومية ثم الأبوية، ويصنف البعض عصرنا بكونه عصر صورة بامتياز ويعني ذلك عودة سلطة المرأة كحاكم؟! ما هو تعليقك على مثل هذا الرأي؟!

تجيب عبير على "السلطة متأملة بطبعها لأنها ليست هي التي تعمل بيديها، فطبيعي أن تنسب أفعال الكتابة والفلسفة للرجل الذي هو السلطة وهو الأرستقراطية على نحو ما، أتحدث هنا عن المجتمع الأبوي، لكن المرأة باشتباكها المباشر مع فعل الخلق (الحمل والولادة) والواقع الذي تصنعه بيديها لا بتأملاتها ترث رصيد من الجمال والصورة لكنها تستطيع بهذا المعنى أن يحبل الكتابة بتركيبات ذهنية جمالية فائقة، غير التأملات الذهنية المتعالية للرجل" تتأمل عبير في فكرة عصرنا عصر الصورة ومن ثم عصر المرأة ثم تعلق : "الممالك التي تهوي تبحث عن حلول ليست لديها للحفاظ على وجودها، ونحن في لحظة حلاوة الروح للسلطة الأبوية أتصور أنها ستحاول أن تجدد دمها بالمرأة، دعني أقول ليس عن المرأة بوصفها م المرأة، ولكن بوصفها أبجديات للغة جديدة ضد لغة السيد السابق"

عبير هنا تذكرنا برؤيا الفيلسوف الألماني هيجل في العلاقة بين السيد والعبد حين يقول: العبد هو الذي يمتلك مشروع لتحرر، لكن السيد يفتقد المشروع، لو سحبنا هذا المفهوم على تصور عبير، لكان الاحتياج للمرأة بوصفها من يمتلك مشروع تحرري للبشرية، فهي هنا لا تتحدث عن المرأة كنوع، فهناك نساء ترسخ لسلطة الرجل تأمل نموذج الحماة التي هي أم الرجل وأكثر ذكورية منه في مواجهة كنتها.

ريم حجاب حين تجيب عن هذا السؤال هو ثقافة الصورة والمرأة ثقافة الرجل والكتابة، تقول أنها ترتبك في مواجهة تلك التنظيرات، فهي مثلا لا تجد أن فناناتنا التشكيليات فاقت أو حتى ساوت المنتج التشكيلي للرجل فكيف فمن أين لنا أن نسيدها على فضاء الصورة، ثم تتحدث عن كاتبات فقن كتاب، مسألة التصنيف على أساس النوع تزعج ريم كثيراً، وتختم حديثها "قرأت دراسات تقول أن الرجل أدق في العلوم الحسابية، والمرأة في الهندسيات وخاصة القائمة على المنحنيات، وعليه الست متفلسفة والرجل حسي ومباشر، ودراسات تثبت العكس وعلمينا لها نفس درجة الحصانة، فهل نصدق هذا أم ذاك؟!"
الأهم بالنسبة لريم كما هو واضح أن الإنسان وليد تاريخ ومجتمع ووليد اختيار حتى على مستوى الهوية الجنسية، تنهي ريم وصلتها التحررية قائلة :" لم تقل الطبيعة لي سوى أنني نيجاتف حسناً، تلك عبارة جوفاء، أنا وأنا فقط من يستطيع أن يمنحها معنى

ياسر علام

Thursday, June 15, 2006

ردا علي افتراءات روزاليوسف

كتبت المقال أدناه للرد على الافتراءات التي ذكرت في
تحقيق صحفي بجريدة روز اليوسف عن "مسلمون ضد التمييز

بل سنقاوم التمييز وندافع عن الإسلام


د.م/ محمد منير مجاهد

كانت جريدة روز اليوسف من الصحف التي احتفت ببيان "مسلمين ضد التمييز" الذي وصل عدد الموقعين عليه حتى الآن إلى 183 شخصية مهنية بارزة من مهندسين وأطباء وأساتذة جامعات وصحفيين وفنانين وطلاب جامعات وغيرهم من داخل وخارج مصر ولا زالت التوقيعات تتوالى، وهو ما يؤكد أن مصر بخير وأنها بعقلها وضميرها ترفض اختطاف الإسلام من قبل الجهلاء والمتعصبون والقتلة والسفاحون وجماعات التطرف والغلو.



وقد أدهشني أن أقرأ تحقيقا في نفس الجريدة بتاريخ 2 يونيو 2006 بعنوان "علماء الأزهر يرفضون تكوين جبهات ضد التمييز أو الدفاع عن الإسلام في مصر" تضمن تصريحات لأربعة من علماء الأزهر الذين نجدهم في كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة من تليفزيون - سواء في قنواته الأرضية أو الفضائية - وإذاعة وصحافة، متحدثين باسم الإسلام في كل شأن من شئون الحياة وهم: الدكتور حامد أبو طالب عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، والدكتور عبد المعطي بيومي عضو مجمع البحوث، والدكتورة آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، والدكتور محمد رأفت عثمان عضو مجمع البحوث الإسلامية اجتمعوا على مهاجمة ما وصفوه بتجمع "مسلمون ضد التمييز" باعتباره نوعا من المزايدة بدون وجه حق، وبأنه إشاعة للتمييز، وبأنه أسلوبا انتهازيا ومرضيا، وأننا في مصر لسنا في حاجة لمثل هذه الجبهة للدفاع عن حقوق الأقباط أو الدفاع عن حقيقة الإسلام.



كنت أتوقع وقد نشأت مجموعة من المسلمين تأمر بالمعروف (المساواة بين المواطنين وحق الاعتقاد) وتنهى عن المنكر (التمييز على أساس ديني) وتدعو إلى سبيل ربها بالحكمة والموعظة الحسنة أن نجد هؤلاء العلماء وسدنة الإسلام ومعهم كل من يزعمون أن مرجعيتهم هي الإسلام من أوائل الموقعين على بيان "مسلمون ضد التمييز" - إن كانوا قد قرءوه ولم يكتفوا بالعنعنة - ولكنهم للأسف لم يفعلوا وفضلوا أن يسكتوا، وفي حالتنا هذه يكون الساكت عن الحق شريك في دعم ممارسات التمييز والترويع التي تمارس ضد غير المسلمين، بل وضد المسلمين المعادين للتمييز على أساس ديني، مهما حاولوا إخفاء هذا الموقف بكلمات عامة عن سماحة الإسلام وحقوق غير المسلمين وخلافه. ولكن المتحدثين الأربعة لم يكتفوا بالسكوت عن الحق بل قاوموه وحاولوا تشويهه وهو ما سنرد عليه في ما يلي.



أود أن أوضح في البداية أنه لا وجود لجماعة أو تجمع يسمى "مسلمون ضد التمييز" وإن كانت الأقوال الواردة في التحقيق المذكور تجعل وجود مثل هذا التجمع أو الجماعة ضرورة. فكل ما حدث أنني وقد أتيت من أسرة متدينة تفخر بشرف انتمائها لآل البيت وتذخر بأولياء الله الصالحين في عدد من المدن والقرى المصرية تربيت على أن الدين المعاملة وأن التعصب الديني هو أسلوب الذين لا يثقون في دينهم ولا يعرفون قدره، ووجدت أن الحوادث الأخيرة ضد المسيحيين الآمنين في ثلاث كنائس تستدعي أن ننهض كمسلمين مناهضين للتمييز لإعلان موقفنا، ومن هنا فقد صغت بيان وطرحته للتوقيع بين المسلمين فقط ليس بهدف استبعاد المسيحيين, ولكن بهدف إثبات أننا كمسلمين نساند إخواننا المسيحيين وشركائنا في الوطن في مواجهة التمييز ضدهم الذي نعتبره خروجا على مبادئ الإسلام، وأنه لا بد من ظهور صوت إسلامي ينكر هذا التمييز والظلم في هذا البلد، وأن ندافع عن رؤيتنا السليمة للإسلام وألا نترك الساحة لمسلمي البترو-دولار والمتخلفين والجهلاء، وكان رد الفعل والحماس للبيان أكثر من رائع، إذ وصل عدد الموقعين حتى الآن إلى 185 توقيعا من مثقفي ومفكري مصر وخيرة المسلمين من أبنائها.



يرفض الدكتور حامد أبو طالب تكوين تجمعات تعلن عن أنها تدافع عن حقوق الأقباط في مصر لأن "الإخوة الأقباط يأخذون حقوقهم كاملة"... "مع أن بعض فئات من المسلمين يحرمون من كثير من الحقوق التي قد يأخذها الأقباط"، ولم يوضح لنا سيادته ما هي الحقوق التي يأخذها المسيحيين ويحرم منها بعض المسلمين، ومثل هذه الأقوال تقترب كثيرا من اللامعقول لأنها تعنى أن الأقلية الدينية تضطهد الأغلبية الدينية، وهي في ذاتها دليل على وجود تمييز ديني في مصر وتدخل في ما أسماه بياننا بـ إشاعة مناخ هستيري ضد المسيحيين في مصر. يختتم الدكتور حامد أبو طالب تصريحاته بقوله "أنه (أي الإسلام) الدين الرئيسي في الدولة، وأحكامه ظاهرة وكل مسلم يستطيع أن يقول ما يشاء في أي وقت يشاء" وسؤالنا له ولغيره ممن يحتكرون لأنفسهم الحديث باسم الإسلام: إذا كان كل مسلم يستطيع أن يقول ما يشاء في أي وقت يشاء فلماذا لا نستطيع نحن؟ أم أن هناك مواصفات خاصة لـ "كل مسلم" لا تنطبق علينا.



أما الدكتور عبد المعطي بيومي فيرى رأيا عجيبا حقا ويعرب عن "خوفه من أن تكون هذه الجبهة (يقصد هذا البيان) إشعالا للفتن في مصر ومحاولة خلق نوع من التعصب بإشعار المجتمع بأن هناك تمييز" وبهذا نصبح نحن المسلمون ضد التمييز سبب التعصب الديني في مصر وليس التيارات السلفية على اختلافها، وليس تغاضي أو تشجيع الدولة - ومن رموزها الدينية الدكتور وزملاءه - وليس مشايخ الفتنة وهجومهم المتواصل على عقائد المسيحيين جهارا نهاراً، ومن المصادفات أن الأستاذ سامح فوزي قد كتب مقالا في نفس العدد من روز اليوسف يضرب فيه مثلا بمقالات تحض صراحة على الفتنة منشورة في صحيفة قومية كبرى. ونسأل الدكتور ماذا فعل لمنع إشعال الفتنة في مصر؟ وهل يرضى الإسلام بالظلم؟ أم أن مصر قد خلت ـ في نظره ـ من الظلم والتطرف؟ وهل يصح السكوت من عالم مسلم كبير مثله على وقوع ظلم كان من واجبه التصدي له؟ أم يتصدى لنا نحن حين نقوم عنه بهذه المهمة؟



وترى الدكتورة آمنة نصير أن المسيحيين لا يحتاجون إلى جبهة تدافع عنهم ضد التمييز وتضيف "أن القول بالدفاع عن حقيقة الإسلام في مصر هو نوع من التدليس" وبدلا أن تشرح لنا لماذا نحن مدلسين فإنها تناقش قضية لم تطرح في بياننا وهي إثبات أن المسلمين في مصر من أصول قبطية أيضا، وبغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا حول هذه القضية التاريخية فإنني أود أن أقول للأستاذة الفاضلة - وغيرها ممن يحاربون طواحين الهواء في التاريخ - أن المصريين المعاصرين أيا كان دينهم أو عنصرهم أو جنسهم ليسوا مسئولين عما فعله أجدادهم من آلاف السنين أو مئاتها أو حتى عشراتها ولا عن الانتصارات أو الانكسارات، وما حدث في الماضي قد حدث ولا يمكن تغييره وليس له تأثير على المستقبل. ما سيؤثر على المستقبل فعلا هو ما نفعله الآن ولهذا يجب أن نقاوم الآن التمييز بين المواطنين على أساس الدين أو اللون أو الجنس أو الإقليم أو حتى الانتماء السياسي لأن هذا هو الطريق الوحيد لمستقبل زاهر لهذا البلد الأمين ولكل بلداننا العربية.



ويرى الدكتور محمد رأفت عثمان "أننا في مصر لسنا في حاجة لمثل هذه الجبهة للدفاع عن حقوق الأقباط أو الدفاع عن حقيقة الإسلام لأن حالات التعدي على المسيحيين قليلة" ولم يخبرنا سيادته عن العدد الشرعي المسموح به من الاعتداءات على المسيحيين، ومتى يصبح هذا الاعتداء غير شرعي؟ وهل قتل نفس واحدة مسالمة جائز عنده؟ وهل قرأ أحداث التعدي على حياة الأقباط وممتلكاتهم من الصعيد إلى القاهرة والإسكندرية منذ أحداث الخانكة في عصر السادات إلى أحداث الإسكندرية منذ شهرين؟ وهل يضمن سيادته عدم تكرار هذه الأحداث التي يراها قليلة؟ الموضوع يا سيدي الدكتور ليس عدد القتلى من المسيحيين المسالمين ولكنه مبدأ الإسلام في حفظ الحياة لكل إنسان مسالم ويقول رب العزة في كتابه الكريم ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَىَ بَنِيَ إِسْرَائِيلَ أَنّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرْضِ فَكَأَنّمَا قَتَلَ النّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنّمَا أَحْيَا النّاسَ جَمِيعاً..﴾ (المائدة 32)، قتل إنسان بدون حق هو قتل للناس جميعا، والتعدي على إنسان بدون حق هو تعدي على الناس جميعا.



كلمة أخيرة أقولها للمتحدثين الأربعة: ليس في الإسلام سدنة ولا كهنة، وليس في الإسلام مؤسسة دينية تحتكر الحديث باسمه ونحن مسلمون عاديون ولسنا دعاة ولا نطمع في الظهور في التليفزيون أو المذياع أو الصحف، ولكننا نحب ديننا الإسلام، ونؤمن أن الإسلام هو دين العدل والإحسان والسلام والحرية في الرأي والفكر، وأن المسلم الحقيقي هو ذلك الذي يأمر بالمعروف (أي القيم العليا من العدل والإحسان والسلام والحرية والمغفرة) وهو الذي ينهى عن المنكر، (أي الظلم والبغي وأكل أموال الناس بالباطل وخدمة الظالمين وأن يشترى أحدهم بآيات الله تعالى ثمنا قليلا) فإذا لم تنضموا إلينا، فادعوا لنا أن يوفقنا الله في جهودنا المتواضعة في مقاومة اختطاف الإسلام من قبل الجهلاء والمتعصبون والقتلة والسفاحون وجماعات التطرف والغلو، وإذا بخلتم علينا بالدعاء فدعونا لشأننا نحاول قدر جهدنا المتواضع عسى أن ننقذ وطننا وأمتنا من مصير رهيب يخطط لهما بليل وكما قال حافظ إبراهيم في قصيدة مصر تتحدث عن نفسها (أنا إن قدر الإله مماتي لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدي).

Tuesday, June 06, 2006

حكاية حجاب حنان ترك




من أين يبدأ وأين ينتهي موسم الهجرة من الفن؟
حكاية حجاب حنان ترك

بقلم:وائل عبدالفتاح

"كان الدرس شديد قوي النهار ده".عادت زوجة الموظف الكبير في البنك وحكت للعائلة عن احتفال حجاب حنان ترك.. والموظف حكى للنجم الجديد العائد من العمرة

كانت الشيخة في قمة قسوتها.. تعرف حالة زبونتها النجمة.. وتلتقط ارتفاع درجة التمزق.. ضغطت الشيخة على طريقتها.. اختارت قائمة طويلة من آيات الهداية في القران.. وركزت على فكرة السمع والطاعة "ان سمعتم فاطيعوا" لحسم موقفها المتذبذب.. وفجأة شكلت المحجبات دائرة حول حنان ترك التي ترتدى سلوبيت جينز وبجوارها حلا شيحة.. وتبرعت صاحبة البيت بطرحة الاسدال (الايشارب الخاص بالصلاة) وشاركت جميع الحاضرات في طقس ربط الطرحة.. وانطلقت الزغاريد.. ولمعت دموع الفرح.. واندمج الجميع في الغناء: ".. طلع البدر علينا".
ـ 1
ـنفس المشهد تكرر منذ سنوات مع مديحة كامل.كانت في عز نجوميتها.. لكن نفسيتها ممزقة بين طرفين يشدها كل طرف الى ناحية بقوة عنيفة.ابنتها دخلت عليها غاضبة.. وصرخت في وجهها..: "انا شفتك عريانة النهارده.. على افيشات الفيلم الجديد.. ومعرفتش ارجع البيت وأوري وشي لجوزي..".ابنة مديحة كامل محجبة.. حسب طلب الزوج... وخلطة النوفوريتش المهووسة بالتاتش الاسلامي.. والفيلم الذي غضبت منه هو "المزاج" تقاسمت بطولته مع فيفي عبدو.. ولعبت فيه دور مسجونة تتعرض لتحرش جنسى من محترفات النوم مع النساء.مديحة كامل اهتزت.. وظلت الكلمات الغاضبة ترن في اذنيها ونفسها المضطربة اساسا من زحف خلايا مرض خطير على جسدها.. اضافة الى وفاة امها.لحظات ضعف متتالية.. كانت هي مدخل "تنظيم" المحجبات للنجمة الشهيرة بادوار اغراء.و"تنظيم".. ليس مجرد وصف خيالي او تعبير صحفي عن الاداء شبه المنظم لتحجيب نجمة مشهورة.. صرخت مغنية معتزلة (لم تغير اسمها الفني بعد الحجاب.. ) في الشيخ الشعراوي من اجل تحفيزه للضغط على مديحة كامل: "..هذه سيتحجب خلفها الالاف من النساء.. فلا تتركها الا والطرحة على راسها".كانت مديحة كامل قد لجأت الى الشيخ الشعراوي لحسم التمزق الذي تصحو فيه على رغبة في الحجاب.. وقبل الظهر تشعر انها لن تستطيع وتتصل بصديقات طلبا لقوة تقاوم بها الدائرة المفروضة عليها من المحجبات.. دائرة عاطفية ونفسية تسحبها ببطء الى داخلها.استقبل الشعراوي مديحة كامل في قصره بالمنصورية وعندما لمحها من بعيد سأل: "..هي دي نازك السلحدار..؟" (وكان يقصد دورالنجمة صفية العمري في "ليالي الحلمية").ابتسمت مديحة وخرج الكلام مرتبكا: "..لا انا بتاعة الصعود الى الهاوية..".الصديقة التي قادت مديحة كامل الى الشيخ لم تكن محجبة لكنها لم تكن وحدها.. كانت هناك المغنية (يطلقون عليها امين التنظيم.. من قبيل الطرفة)... وشيخة اخرى من جيش الاخوات.الصديقة غير المحجبة هي التي حكت.. ووصلت الى السؤال المباشر: لو تحجبت.. هل تفعل ذلك فورا ام تنتظر انهاء الفيلم الذي ارتبطت به؟!سأل الشيخ بطريقته المميزة في الضغط على الحروف: هل هناك شرط جزائي؟قالت مديحة: نعم.كبير..؟! (سأل الشيخ)وعندما عرف ان الشرط الجزائي كبيراً.. واصل الاسئلة: "المنتج بيته ها يتخرب؟"."طبعاً.." اجابة سمعها قبل ان يبدي رأيه: "كملي الفيلم".هنا صرخت المغنية: "لكن المنتج مسيحي كافر.. وهي ستظهر في الفيلم عارية".اوضحت مديحة كامل: "ليست عارية يا مولانا.. لكن بدون حجاب".لكن صراخ المغنية أصاب الشيخ بالقلق.. وعاد الى الاسئلة: "هو الشرط الجزائي كام؟".
ـ 2
ـلم تعد مديحة كامل الى بيتها.. لكنها خطفت.. الى بيت من بيوت الشيخات.. واقيم لها حفل "طلع البدر علينا".. وسط دموع وصرخات.. وتهليل وتكبير كأن "التنظيم" فتح مكة او عكا.هكذا ايضا خرجت حنان ترك بطرحة الاسدال وكلمت زوجها خالد خطاب.. وقررت ان تحكي لاطفالها.. لكنها اكتشفت انهما ذهبا الى النوم... وقبل ان تنتهي من يومها المشحون.. اتفقت مع حلا شيحا على جولة تسوق لشراء ملابسها من المحلات الخاصة بملابس المحجبات.الحفلة تتم في لحظة تردد كبيرة.. وهي اقرب الى حفلات الهوس الجماعي.. يمكن النظر اليها على انها طريقة علاج جماعي للمشكلات النفسية.. طريقة نحتاجها جميعا في لحظة الازمات الروحية.. لكنها تتحوّل هنا الى حدث. او الى انتصار في غزوة ضد مجتمع الجاهلية.هذا هو الخطر الذي يحول الحجاب الى رسالة ملغومة او صورة مفخخة تقسم المجتمع الى محجبات وسافرات.. مؤمنون وكفار.. توابون وخطايا... اهل جنة واهل نار.. ملائكة وشياطين. هذه القسمة ترفع درجة الاحتقان. وتدفع الى تصادم قادم. وتصنع ارضية لحكم متطرفين يحولون الحياة في مصر الى سجن كبير.
ـ 3
ـاعتقدت حنان ترك ان القرآن هو الذي كان سبب نجاتها من ازمة قضية الاداب.القضية ظهر انها ملفقة وضمن لعبة سياسية لتخفيف الضغط على وزير الداخلية وقتها محمد حسن الالفي.الوزير كان يبحث عن قضية تفجر "فرقعة" اعلامية تسحب من رصيد حملة صحيفة "الشعب" الموجهة ضده.. ولم يكن هناك اسهل من استخدام النجمات.. واللعب على السمعة والكلام السهل عن تجارة الجسد.امتهان سياسي سهل لنجمة عبرت بوابة النجومية وعمرها 16 سنة.قبل تلفيق القضية بخمس سنوات.. وبالتحديد في 1991 كانت الصبية حنان حسن محمد المولودة سنة 1975 والطالبة في معهد البالية.. تلعب على المسرح دورا في مسرحية "ماكبث".. والتقطتها عين المخرج خيري بشارة المدربة على التقاط المواهب وسط اكوام الراغبين في الصعود على منصة مسرح.. الفرصة الاولى كانت فيلماً كبيراً "رغبة متوحشة" مع نجمة الايرادات الاولى وقتها نادية الجندي والنجم محمود حميدة.. والنجمة سهير المرشدي.. لعبت حنان ترك دور الشخصية الرابعة في الفيلم.. مراهقة تفتقد الاب.. ومشاعر الذكورة الحامية.. وتجدها في الزائر الذي عاش مع الاب ايامه الاخيرة في السجن.لعبة نفسية قدمتها حنان ترك بشكل لفت النظر الى موهبتها المتوحشة... موهبة شبهتها الصحافة بسعاد حسني.. وعلقت عليها الامال في جيل مضغوط بعمليات الارهاب وحملات تحريم الفن.. جيل استقبل وعيه الدنيا ونجمات السينما والغناء يخترن مصير رابعة العدوية. لم تكتف شمس البارودي وهناء ثروت.. وشهيرة باعتزال الفن واختيار الحجاب كموديل ازياء يناسب الافكار الجديدة.. لكن كل منهن ارادت ان يكون حجابها رسالة الى مجتمع يعيش في الحرام.كل منهن كانت موعودة بدور "الداعية" او "الشيخة" تتحول الى علامة في الدين بمجرد ان ترتدي قطعة قماش على راسها.. وتغسل تاريخها الشخصي فور تغطيتها للراس.. هذه صفقة مضمونة نفسيا.. لانها تعوض النجومية الضائعة بقوة نفوذ على النساء الاخريات.. خاصة ان التعليمات التالية تحول المحجبة من مجرد انسانة عادية الى حاملة رسالة.. لان عليها اولا ان تقنع زوجها ثم اولادها بتغيير شكل الحياة.. اذا كان الزوج من محبي المشروبات الكحولية يحرض تنظيم المحجبات.. المحجبة الجديدة على ان تلقي بزجاجات الخمر في التواليت.. وتعطي رقم تليفون الزوج الى واحد من ازواج عضوات التنظيم ليرتب الضغط عليه بشكل اخر للذهاب الى المسجد.. والابتعاد عن الحياة العادية.. واختيار اماكن وجلسات اخرى.هنا تشعر المحجبة الجديدة بتحول في شخصيتها.. وفي موقعها من البيت.تصبح قائدة.ويفرح الرجل الشرقي برغبة زوجته في اعلان الحشمة او تصميمها على اظهار الحرص على العفة.. يمنحه هذا نوعا من الاطمئنان.. وواجهة يفخر بها وتمسح خطاياه الاخرى.وهناك اكثر من قصة مشهورة عن رجال بارعين في سيرة الفساد.. ولهم صولات وجولات في الجنس على التليفون.. لكنهم مطمئنون لان زوجاتهم محجبات والمحادثة تنتهي بالعبارة الشهيرة: لا اله الا الله.وترد العشيقة على الطرف الاخر: محمد رسول الله.
ـ 4
ـتصورت المخرجة ان نجاحها في الفيلم الاول سيعني ان علاقتها بالنجوم الجدد ستصبح اسهل.لكن على العكس كانت التجربة الثانية تزداد صعوبة.. بل انها فوجئت بعجائب من ممثلي الجيل الجديد.. واحد منهم معروف بعشق المقالب وحفظ النكت الساخنة.. مشهور بالروشنة.. وخفة الروح.. النجم رفض الدور بسبب مشهد يحتوي على قبلة.تعجبت المخرجة... فقال لها: "انا لا يمكن ان اصدم الجمهور.. لامانع عندي من اي شيء في الواقع.. قبلات او علاقات مفتوحة.. لكن على الشاشة لا.. ابدا".هذه طبعا لم تكن اخر صدمة.المخرجة اكتشفت حالة نفاق الجمهور.. والمجتمع مع نجم اكبر سنا انتقد الجرأة النسبية لفيلم "سهر الليالي" الذي شارك فيه.. وردت هي عليه: "لكن الجمهور الذي لعن المشاهد التي لايمكن ان تعتبر جريئة الا في سينما هذه الايام.. نفس الجمهور ومن واقع الايرادات دخل الفيلم اكثر من مرة.. الم تلاحظ ذلك والا يعبر هذا السلوك عن شيزوفرينيا يلعن فيها الجمهور.. مايحب ان يراه.. في وصلة نفاق مع اخلاق مزيفة..".لم يرد النجم.. الذي انتهز اول فرصة واستعرض فيها معلومات دينية سطحية امام المخرجة وفي حوار مع نجمة من جيل اصغر.. ولم يجد هذا متناقضا مع غرامه بالتحرش بأي انثى في البلاتوه وخارجه حتى لو كانت قطة عابرة.
ـ 5
ـحنان ترك نفسها كادت توقف فيلمها الاخير "قص ولزق" عندما عادت من الحج وهي في حالة اخرى.رفضت استكمال تصوير مشهد بفستان الزفاف.. قالت انه عارٍ اكثر مما تحتمل.. قالوا لها انها صورت نصف المشاهد بنفس الفستان ولا يمكن تغييره الان.. فردت: "اذن اضع عليه ايشارب".. وفعلا صورت المشهد بالطريقة التي ارادتها.وكان هذا اعلانا عن وصول حالة التمزق الى الدرجة القصوى.قبل التصوير ابلغت المخرجة هالة خليل انها ستعتزل.ثم رجعت عن القرار بعد نقاش صغير مع هالة.حتى هذه اللحظة لم يكن المعروف من تدين حنان ترك سوى الكلام بالقرآن.. وتخصيص حجرة في بيتها للصلاة والتهجد.. لكنها في حوار مع المذيعة رجاء ابراهيم نشرته في مجلة "سينما" (تصدر باللغة العربية في باريس) فجرت القنبلة.سالتها رجاء عن الدور الذي تحب ان تلعبه؟قالت حنان ترك: "داخلي شغف حقيقي ان اقدم نفسي، شخصيتي الحقيقية على الشاشة لانها شخصية شديدة التعقيد والتركيب بدات من العدم المعرفي الى اللخبطة ثم مرحلة الاصرار على المعرفة ومازالت تحاول ،احلم بتقديم نفسي بدون تجميل لاننا دائما نجمل من انفسنا لذلك احلم بتقديم شخصية حنان الحقيقية.رجاء: هل ارهقتك النجومية خلال السنوات الماضية؟حنان: ارهقتني جدا جدا لانني طوال الوقت تحت امر اناس كثيرين منهم الاعلام والصحافة ،وغالبا ما اسأل نفسي اين انا فيكون الرد من داخلي انه اختيارك فأتساءل ومن يعيشون معي ما ذنبهم اقصد زوجي واولادي يوسف وادم فانا فرضت عليهم.رجاء: ولكن زوجك اختارك وانت ممثلة فهو مدرك طبيعة هذا العمل!حنان: اعرف ولكني غالبا ما اكون متهالكة وممزقة بين واجبي ومسؤولياتي كام وعملي وولائي للفن والحل عندي في نظام يساعدني على عمل التوازن بين عملي وحياتي الخاصة واتصور ان هذا يحتاج بعض الجرأة لأنني انسانة طماعة في الفن وفي الحياة اريد كل شيء مضبوطا وكما يقولون عشرة على عشرة.رجاء: كل هذه الضغوط يمكن ان تصل بك الى قرار الاعتزال التي نوهت اليه اكثر من مرة عبر تصريحات صحفية؟حنان: انا مؤ منة تماما ان الحجاب فرض وهو الشىء الوحيد اللي ممكن يجعلني اضع حدودا فاصلة في اشياء كثيرة في حياتي ولكني حتى الان لم اخذ قرار بارتداء الحجاب لان ايماني مازال ناقصا.
ـ 6
ـكانت هذه هي المرة الاولى التي تربط فيها حنان ترك بين الحجاب والاعتزال.تتحول من فنانة قلقة تبحث عن حل للفراغ الروحي الى انسان عادي يشعر بازمة مع نفسه.. يشعر بالذنب.لماذا..؟!تقول حنان ان شعورها بالذنب يرجع الى فكرة التمثيل.لكن كل المقربين منها يعرفون تماما ان هذا ليس السبب الوحيد.. وان هناك اسبابا في حياتها العائلية تجعلها تصل الى هذا الشعور.لكنها تركز على التمثيل.. وتعتبره مصدر الدنس في حياتها.. هذا الشعور وصل الى حالة الهوس.. لدرجة انها في فيلم شهير لها كانت كلما قال المخرج STOP مدت يدها الى حقيبتها واخرجت المصحف وقرأت ايات من القران.وهي في حوارها مع رجاء ابراهيم تضع عائلتها ايضا في قائمة اسباباً غضبها من التمثيل.. وربما هذا يأتي بعد قصص يمكن ان تقال في السر حول اختياراتها في الزواج.. لكن العامل الحاسم في تعلقها بعائلتها هي موقف زوجها خالد خطاب وعائلته منها وقت القضية الملفقة.. وهو موقف يتسم بالنبل والبطولة في مجتمع يعاني الشيزوفرينيا ويبحث عن ضحايا اخلاقيين.خالد خطاب وعائلته.. لم يتخلوا عن حنان وهذا اعطاها الامان الاجتماعي الذي اهتز بصدمة القضية.. (بالاضافة طبعا الى الامان المالي).والحقيقة ان العالم انهار امام حنان ترك وهي في عز اندفاعها.. وتركت القضية جرحا غائرا وهزة نفسية ربما هي مفتاح موقفها من العالم ومن التمثيل بوجه خاص.صحيح ان الوسط الفني والصحافة خاصة مجلة "روزاليوسف" في عهد عادل حمودة.. وقفت بجوارها ودخلت معارك مع الحكومة بسبب القضية. الا ان ماحدث كانت نقطة فاصلة بين حنان المغرمة بالحياة المنطلقة المرحة والجريئة.. وبين حنان الاخرى التي تبدو احيانا عمرها 70 سنة... وتخاف من كل شىء وتريد ان تقنع الناس بصورة غير التي رسمتها الفضيحة المجانية. صدمة اوقفت الاندفاع المجنون باتجاه الحياة.. وحولته الى رغبة متطرفة في التوحد مع ذات اكبر.. والاحساس بالفراغ الكبير.. وبانه لا غطاء لها في العالم سوى خالد زوجها وعائلته.. هم السند الذي يمكن ان تتعرى بدونه... كما حدث عندما قررت الحكومة تعريتها لتغطي على فضائح وزير لتتركها في مهب رياح الاخلاق المريضة مصابة بحالة خوف مطلق من الحياة.
ـ 7
ـلم ألتقِ حنان ترك سوى مرتين الاولى بعد فيلم "دنيا" وكنت اكلمها بتحفظ.. رغم انني رايت ان الفيلم هو اكتشاف لطاقة مهدرة عند حنان ترك. طاقة تستهلكها السينما السهلة... والافلام المصنوعة على طريقة الوجبات السريعة.الشخصية القلقة. المتوحشة. النائمة داخل حنان ترك. خرجت في "دنيا".الاسئلة تخصها ايضا.ومشاعر التائهة. المسافرة بين نماذج في الانوثة. الحائرة بين برودة المشاعر وسخونة الوعي. بين "الطبيخ البارد" وحتى لو وضع على النار.وبين انفجار السؤال الوجودي الشهير: من انا؟!حنان لعبت في هذه المساحة بطريقة لا تكفيها الكلمات. بل عبر لغة العيون.. والتوتر في ترك الجسد على حريته او استخدام اشارات رمزية للتعبير تسرق لحظة الذروة قبل ان تتم.كتبت هذا الراي وربما قلته لها في الندوة التي استضفنا فيها فريق الفيلم لمواجهة انكشارية غوغائية اتهمته بالاساءة الى سمعة مصر.كنت متحفظا لان حنان تعيش احيانا في دور الواعظة.. تترك الفنانة وتستجيب لفتنة ان تتحدث كلاما تتصور انه نهائي ومطلق.لكنها في يوم الندوة وفي المرة التالية في برنامج الدكتورة هالة سرحان على قناة "روتانا" كانت في برج لطفها وخفتها.. علقت الدكتورة هالة على النقد العنيف لعواجيز السلطة.. وقالت: "ربنا يجعل كلامنا خفيف عليهم".. ففوجئت بحنان وضحة طفولية تلمع في عينيها.. تقول: "..انا ماليش دعوة.. انا واحدة بتاعة فن وبس.." وقبل ان تكمل الجملة كانت تهز جسدها في حركة راقصة لطيفة.. ويومها رايت وجهها المضيء.. وروحها الخفيفة.. المختفية في وعاء سميك.. جامد.. تضع فيه نفسها متصورة انها قادرة على الاختفاء.لماذا تريد الاختفاء؟ولماذا تعتذر عن مالم تفعله..؟!ولماذا استسلمت للدائرة التي صنعها تنظيم المحجبات..؟!لماذا لم تفعل مثل شادية التي لم تلعن فنها ولم تترك رسالة ادانة قبل ان تختفي في برج عزلتها؟!ولماذا لم تفعل مثل تحية كاريوكا؟
ـ 8
ـعندما سألها إدوارد سعيد: "كم مرة تزوجت يا تحية؟".كان التحول في مظهرها صاعقا(يحكي إدوارد): "فرغت لتوها من الصلاة حين تهيأت للإجابة عن السؤال فوقفت منتصبة وكوعها مائل نحوي باستفزاز والذراع الأخرى ترسم إيماءة مجازية في الفضاء وقالت: "مرأة عديدة" ثم اقترن صوتها بالصفاقة المعهودة عند نساء الليل وبدا أن عينيها ونبرة صوتها تضيف التالي.. "ثم ماذا؟ لقد عرفت الكثير من الرجال".بعد قليل أجابت تحية بحدة على سؤال آخر عمن أحبته بين هؤلاء ومن الذي تأثرت به أكثر من سواه: "لا أحد على الإطلاق.. كانوا مجموعة رثة من الأوغاد".الحدة التي لاحظها إدوارد سعيد كانت السمة الغالبة على تحية كاريوكا في سنواتها الأخيرة وخاصة عندما يكون الحديث عن تقييم حياتها.. في أحاديثها التليفزيونية كانت كمن يقدم اعترافات عارية من الزيف تحولت الى فضائح أحياناً أو الى أضواء كاشفة لشخصيات وأحداث كانت كاريوكا في مركزها أو على مقربة منها، ومن أبطالها.تحية كاريوكا لم تكن مجرد امرأة عجوز انسحبت عنها أضواء الشهرة فأصيبت برد فعل عصبي.. لكنها أقرب الى الأبطال التراجيديين الذين يقضون حياتهم يتلمسون الطريق الى اكتشاف حقائق وخفايا..هي من نوع حساس من شخصيات قلقة تبحث عن شيء غامض وبعيد.. هؤلاء ينهون حياتهم وهم متعلقون بحقائق مطلقة، أي أنهم يسيرون الشوط الى نهايته: الموت أو الذوبان في القيمة المجردة هكذا أرادت تحية كاريوكا أن تنهي حياتها بجوار المسجد النبوي في المدينة المنورة.هل هذا نوع من التوبة كما يسمون اعتزال الفن هذه الأيام؟لا نعتقد أن مثل تحية كاريوكا يمكن أن تتملص من سيرتها مع الرقص فهي "كانت شعاراً لكل ما هو غير خاضع للإدارة والضبط والانضواء في ثقافتها" كما وصفها إدوارد سعيد و هو يراها أسطورة من أساطير شبابه في أربعينات القاهرة.. كانت سحراً كاملاً لمراهق ابن رجل طموح قادم من فلسطين ليشق طريق الثروة والصعود الاجتماعي في القاهرة "التي كانت وقتها مدينة "كوزموبوليتانية".. أي متعددة الثقافات.. مدينة هي مركز الحركة في الثقافة والسياسة والإقتصاد والفن.. ومكان العبور بين العالم القديم الذي انهار مع الحرب العالمية الأولى والجديد الذي دفعته الحرب العالمية الثانية الى مرحلة النضج. في هذا المناخ كانت تحية ثورة في الرقص الشرقي بل أنها كانت على وشك دخول بوابة المجد في هوليوود لكن قيام حرب فلسطين أعادها على الفور كانت مزيجا من (العالمة) و(الراقصة) بالمفهوم الحديث الذي وضعت أساسه فنانة قادمة من بلاد الشام هي "بديعة مصابني" افتتحت صالة ونقلت الرقص من مهنة إجتماعية أساسا.. مكانها شارع خاص.. الى حالة فنية أقرب الى الاستعراض ومن المؤسسة القديمة في حي العوالم الى مؤسسة حديثة تدير علاقتها مع صناعات أقوى في المسرح.. والسينما أصبحت العالمة نجمة بمفهوم جديد.والعالمة أساسا تعني الراقصة التي وصلت الى رتبة القيادة تتحرك حولها جوقة من العازفين غالبا من الرجال.. وفريق من الراقصات المساعدات.. الى جانب رجال مخنثين يلعبون دور الصبي أو النائب.. العالمة هنا لها سلطة الرجال.. وفتنة النساء..كائن مختلف تماماقادم من عالم الواقع الى عالم الفانتازيا الإجتماعية تدخل البيوت في إحتفالات الفرح.. والزواج السبوع والطهور والختان.. تدخل المكان في وضع إستثنائي وتخرج منه ليعود الى ما كان عليه.في شارع محمد علي كانت السطوة للعوالم: هن سلطة الشارع والشارع هو مكانهن الأقرب الى بيت كبير واسع مفتوح على بيوت صغيرة.. هذا العالم يندثر الآن ولا تبقى إلا صور للعوالم المعتزلات ورائحة مازالت عالقة بمكان حكمته النساء الى جانب صوره العالقة في الذاكرة من روايات نجيب محفوظ وأفلام كثيرة أشهرها "خلي بالك من زوزو" الذي لعبت فيه دور البطولة كل من تحية كاريوكا وسعاد حسني والمثير هنا أن الفيلم نفسه يمثل صراعاً بين القديم والجديد في مهنة الرقص وموقعه في المجتمع و"زوزو" الفتاة الجديدة تصارع أصل "العوالم" وترفض مصير بنت الليل في الملاهي والمجتمع ينظر للرقص نظرة جديدة تفك الإرتباط بينه وبين بيزنس الغواية.. هذه النظرة تهتز فقط في لحظات صعود المجتمع.. زوزو هي اللحظة التي لمعت فيها كاريوكا في الأربعينات.. والتي تلتها لحظة أخرى فتحت المجال لسعاد حسني وبعد ذلك لكي تلمع فريدة فهمي الراقصة التي تحمل شهادة جامعية في الرقص. ترقص تحية في مساحة صغيرة. لا تحتاج الى ملعب كبير. ولا تعتمد على الإفراط في الحركات بل على قلتها. ترقص كأنها تحفر في موقعها. غوايتها تتحرك بغموض مع حركاتها الأفقية. سر الغواية يتجه الى الداخل ويختلف عما تلجأ إليه راقصات أخريات من الألعاب البهلوانية أو التلوي على الأرض كالحية أو الإنخراط في استربتيز من نوع ماولكن ليست تحية كاريوكا لأن سحرها وتألقها يوحيان بشيء كلاسيكي... ورحلتها هي البحث عن حرية تزاوجت فيها الطاقة الحسية الهادرة بوعي فطري تختار فيه طريقها وصفات مقاتلة ظلت حتى رمقها الأخير تحارب من أجل إستعادة حقها من زوجها الغادر.. وهي في رحلتها تكسر دائما الصور التقليدية والمتوقعة.يعتبر الكثيرون أن تحية كاريوكا هي الرمز المقابل لما تمثله أم كلثوم في نفس العصر وكلا الرمزين التقيا لأول مرة في عرس الملك فاروق عام ثم في حفل آخر كان بمناسبة حصول النادي الأهلي على بطولة الدوري العام في كرة القدم وهما المرتان الوحيدتان تقريبا التي وافقت فيها أم كلثوم على الغناء أمام راقصة.هكذا كانت تحية بموهبة شرسة تصل الى أقصى جنون بالحياة وبالذوبان الكامل في المتع التي لا تحب استئناس الغرائز.ومن تطرف الى تطرف قضت في السجن اياما بسبب عضويتها في رابطة السلام إحدى مجموعات اليسار في مصر.. وكانت كاريوكا على علاقة بالحركة الديمقراطية للتحرر الوطني المعروفة باسم "حدتو" من خلال انضمامها الى مكتب الكتاب والفنانين ونجحت في اقناع زوجها في ذلك الوقت الضابط مصطفى كمال صدقي بالانضمام الى الجبهة الوطنية الديمقراطية التي كونتها "حدتو" وسافرت ضمن وفد اليسار المصري الى مهرجان الشباب الديمقراطي الذي عقد برومانيا وعند عودتها كان الاعتقال الذي أرجعته في أحاديثها الأخيرة الى كلمة قالتها في جلسة خاصة ووصلت الى عبد الناصر كانت تصف فيها الضباط الأحرار بشكل لاذع وتقول: "ذهب فاروق وجاء فواريق".
وفي نهاية حياتها إعتكفت تحية كاريوكا في المساجد وأصبح لقبها المحبوب هو "الحاجة" واكتفت بورع العجائز الذين يرتقون فجوات العمر الأخيرة بنسيج من حكمة النهاية والإكتفاء الذي يبدو أقرب الى رومانتيكية العشاق الذين يبكون على التجارب الخائبة في نفس الوقت الذين يبكون فيه على خفوت القدرة على خوض نفس التجارب بخيباتها. المدهش أن نجوم ونجمات السينما الآن يعتذرون عن أدوارهم قبل أن يمثلوها.
ـ 9
ـيسألون النجمة الشابة: "لماذا رفضت الأدوار التى عرضت عليك؟!" تجيب بابتسامة ثقة: "اذا شاهدتم الافلام ستعرفون فورا" هي تصورت طبعا أن رأيها عمومي. وثقافتها محل إجماع. وبالأحرى هي واثقة من أنها في أعلى درجات التوافق مع نظرة ترى السينما "منزل المحرمات" نظرة لا تستوعب المسافة بين الواقع والخيال التي تلعب فيها السينما.استمر المذيع في السؤال.. فجاءت الإجابة مع ضحكة أكثر ثقة.. "كانت فيها مشاهد لا أستطيع أن أؤديها.. لا أستطيع أن يراها أبي أو أخي"."تقصدين القبلات؟"قالت بتحد: "أيوه طبعاً"فاستمر المذيع: "لكنها قبلات سينمائية".فأبدت اندهاشا كبيرا "مش أنا اللي باتباس؟".
أتصور أن هناك جمهورا كبيرا كان يصفق لها بحماسة ويعتبرها نموذجا للنجمة "المؤدبة".هذه هي نجمة "السينما النظيفة" أكثر المصطلحات رواجاً هذه الأيام وترتبط به مصطلحات مثل.. "سينما تشاهدها كل العائلة" و"أفلام لا يخجل منها الآباء ولا الأبناء" وهي أقرب في تصوري الى شعارات تجارية تغازل الاتجاهات المحافظة في الشرائح الجديدة للطبقة الوسطى.. خاصة العائدة من دول الخليج والمتعودة رَقابة الثقافة البدوية وهؤلاء هم جمهور دور العرض الحديثة جمهور يحب سينما خالية من الحواس.. سينما بلهاء تلعب على مشاعر ساذجة ومليئة بتلميحات جنسية على طريقة جلسات الرجال في المجتمعات البدوية.. لكنهاتنفي الجسد والمشاعر خارجها.. وكأنها ترى في المشاهد الجريئة على الشاشة.. نوعا من العري المبتذل. رغم انها مشاهد عادية في الحياة. لكن المسألة أكبر على ما يبدو فالضجة التي دفعت ممثلة شابة مثل منة شلبي الى مصاف نجمات الإغراء في فيلم "الساحر" لأنها رضت بالقبلات على الشاشة في إطار لعبها لدور فتاة مراهقة تعيش في عالم من الرغبات المكبوتة.. هي كتلة من نار سائلة وموقعها في الفيلم كاشف لمصائر أبطال الحكاية الأرمل الذي اعتزل مهنة السحر بعد موت زوجته.. ويعيش مرعوبا من أن تختطف الذئاب البشرية إبنته صاحبة الجسم الفائر والمطلقة التي مهنتها تزيين النساء هي حفافة بالمعنى الشعبي الذي يصف عملية التزيين بحسية مباشرة وهي تخفي جسدها الضئيل في الملابس السوداء واللسان اللاذع.. كلاهما صنعته البهجة لكن الساحر محاط بالخوف والحفافة مصدومة من الغدر وقلة الحيلة هذه المفارقة تصنع كوميديا وقد تصنع ميلودراما وحين كانت المراهقة الفائرة تهرب من رقابة الأب المرعوب وتفشي أسرار جسدها للمرة الأولى بالقرب منه الجمهور وحده الذي يرى ويضحك.. حيلة قديمة.. لكنها ممتعة تسخر من فكرة المراقبة.كيف يمكن حذف القبلات من الفيلم؟هكذا تلهث الصحف وراء سؤال واحد لمنة شلبي.. كيف وافقت على القبلات؟ماهو شعورك وقتها؟ هل أنت نجمة أغراء؟والممثلة المتمتعة بموهبة قوية تجد نفسها مختصرة في مساحة صغيرة ومختزلة في صورة من الصعب الهروب منها.. وكأن المجتمع يصنع صوره ويعيد تصديرها الى السينما في مسار حركة مرعب. ويمكن لشخص ما عابر أن يكلف نفسه ثمن شراء علبة بوية سوداء ليلقيها على أفيشات فيلم تظهر فيه بعض أجزاء من جسد ممثلة، كأنه يغطيها حتى لا تجرح الحياء الذي يعيش في ظله.
ـ 10
ـحتى هند صبري تعرضت للحظات ضعف في مواجهة الضغط العام.جو خانق تصبح فيه المحجبة مميزة اجتماعيا. والحجاب هو دليل خضوعها لشروط المجتمع. وابتعادها عن ارتكاب الحرام. الحجاب رخصة اولية لممارسة الحياة في ظل هوس نفسي بالمحرمات. المحجبة خارج الشبهات حتى يثبت العكس وعلى العكس المرأة بلا غطاء هي اولا خارج فكرة الاحتشام وثانيا عليها ان تثبت انها خارج دائرة الشبهات. تظل المتمردة على الحجاب خارج الصف قلقة حتى تعود وتنتمي تماما الى الاتجاه العام. لا تفكر أي واحدة منهن في الشرعية الدينية. ولا تعتبر نفسها مختارة بل هي تؤدي فريضة. هكذا سمعت. وهكذا ارتاحت ان احدا ما. غامضاً. اتخذ قرارا بدلا منها بتغطية راسها.هند صبري التي تربت في مناخ مفتوح.. اكثر حرية في تونس.. تربية ليبرالية تتعامل فيه المرأة بحريتها.. ولا تحبس في افكار مهووسة بالتغطية.. علاقتها بجسدها كانت مريحة خاصة في افلامها الاولى (صمت القصور مثلا).. هي تعرف جيدا الفرق بين الحرية والابتذال.. بين ان تكون حرا.. وان تعتبر الجسد سلعة بالتعري او بالتغطية.لكنها تحت الضغط اصبحت ترفض مشاهد.. وتتردد في قبول القبلات.. ودخلت في حالة مختلفة تحت ضغط المزاج العام.هذا المزاج يؤمن بالاخلاق في مستوى سطحي وشكلي.يربطها بمدى النفاق.. لا بمدى الاتساق.نجمة محجبة في عالم التليفزيون.. ارادت مؤخرا خلع الحجاب.. فنصحتها صديقتها: اوعي تعملي كده.. اعملي كل حاجة..وعلى مستوى اخر.. فإن مخرجاً تربى في هذا المناخ غيّر نهاية اول فيلم روائي له لانه شعر بالخوف من الجمهور ومن نفسه.الفيلم عن قصة رجل مستريح ماليا.. تزوج من امرأة كانت تنتطر عريسا على الكتالوج الجاهز... وبعد سنوات.. قابل امرأة اخرى.. تشعر بحريتها.. وتحترم مشاعرها.. نامت مع الرجل لانها احبته.. وهنا تردد في الزواج منها على حسب العادات الشرقية السخيفة.. لكنه حسب السيناريو قرر حسم ارتباكه في النهاية والزواج من الحبيبة الحرة.المخرج غير النهاية وابقاه على تردده لانه لا يرد ان يتزوج بطله من "مومس" كما قال لكاتب السيناريو (مستخدما اللفظ الشعبي لاقدم مهنة في التاريخ).سأله السيناريست.. من هي المومس في نظرك.. الزوجة التي نامت معه لانه جاهز فقط.. رغم انها لا تحبه.. ام التي اختارته واحبته.. ومنحته جسدها وروحها..؟!من وجهة نظر السيناريو: المومس هي التي تحصل على مقابل لليلة المتعة.. والزوجة التي باعت جسدها مقابل ورقة زواج. بينما الاخرى اختارت الحب والحرية.المدهش ان المنتج اعترض على تغييرات المخرج.والمخرج يبحث الان عن حل وسط.
ـ 11
ـربما لا تعرف حنان ترك حتى الان انها احسن ممثلة في اسيا.ربما ايضا لا يهمها.فهي مثل كثير من المحجبات تتغير الحياة بالنسبة لهن في اللحظة التي تغطي راسها.كأنها علامة انتقال من عالم الى عالم. ومن نجمة.. الى صاحبة رسالة.حلا شيحة.. في حوارها مع منى الشاذلي على قناة دريم.. كانت في مزاج الملائكة ترتدي ابيض وتغطي شعرها بحجاب وردي (حنان في اول ظهورها كانت ترتدي نفس الالوان).. وقالت انها بعد الحجاب بدأت رسالتها في الفن.. لابد ان تكون قدوة وتعطي للناس ما يفيدهم في الحياة. حنان فازت بالجائزة في مهرجان سنغافورة السينمائي وعن فيلمها "دنيا" الذي واجهت فيه مع المخرجة جوسلين صعب جمهورا محافظا يستفزه مشاهد جريئة كانت السينما المصرية تقدمها بشكل عادي (قدم الفيلم احداها وكانت بطلته هدى سلطان).لكنها الان في ظل سيطرة الشيزوفرينيا الاخلاقية التي تلعن المشاهد الجريئة في الافلام العادية..هذه الشيزوفرينيا تفجر طاقة عدائية تجاه الفن.. والنساء.ينظر اصحابها الى الافلام او الروايات على طريقة محاكم التفتيش.حنان ترك شعرت بالتحدي لهذا الجمهور.لم تقبل ان تنافقه.وربما اعجبها انها تحمل رسالة موجهة لنساء محرومات من رحلات البحث عن الحواس الضائعة وسط قيود التقاليد والقوالب الجاهزة.هذه رسالة عبرت عنها حنان في الفيلم بشحنات كثيرة منها الرقص والغناء.. والتمثيل الحر. هذه رسالة مختلفة عن التي تقصدها حلا شيحة.رسالة حلا تشبه خطب المدرسين المملة في طوابير المدرسة.ورسالة الفن والسينما ليست مواعظ وعلامات ارشادية لكنها خبرات وافكار ومشاعر لا يقدر عليها اشخاص عادية.. يقدر عليها فنانون يتمتعون بموهبة.وهذا هو الفرق بين فنان يقود المجتمع في رحلات اكتشاف.. ويفتح طاقات الخيال الى عالم مختلف.. وبين انسان عادي يتحرك في حدود المتاح والمعروف والعلب سابقة التجهيز.من هنا يمكن ان نرى مناطق مجهولة في الحب والحياة والسياسة مع سعاد حسني وفاتن حمامة وعبد الحليم وشادية وفايزة ووردة واحمد عدوية ونجيب محفوظ وبهاء طاهر وصنع الله ابراهيم وابراهيم اصلان وفتحي غانم.. وصلاح جاهين وفؤاد حداد.لكن ماذا يمكن ان نعرف مع تنظيم الشيخات..؟
ـ 12
ـوانا احاول فهم حكاية حنان ترك سمعت كثيرا اسماء الشيخة هناء ثروت.. وياسمين الخيام.. والراقصة اميرة.الاولى هي الاقوى. مقنعة. وغارقة في كتب الفقه لديها اجابة عن سؤال في المسائل الفقهية (ينافسها في الموقع شهيرة وكاميليا العربي).الاخيرة هي الالطف.. كانت جميلة وهي في عالم الرقص.. خفيفة الدم.. وهي الان منسقة العلاقات.. ماهرة في الترويج والبيع والشراء.. وضعت الحجاب بعد ظهور اعراض مرض جلدي.. لكنها لم تفتقد روحها المرحة.هؤلاء هن دبنامو التنظيم.. او الشلة حسب التعبير الدقيق.من البداية وفي المراحل الاولى من اصطياد النجمات المرتبكات كانت الدروس هي تجمع لنساء على حفلات طعام ودردشة حول امور فقهية مدهشة لنساء طبقة كونت ثروتها من اقتصاد غامض يقوم على قواعد فهلوة وشطارة.من اليوم الاول التعليمات كانت تتغير ويكون الالحاح حول مناداة الجميع بلقب واحد هو الاخت. الاخوات.. (قالت لهم صديقة مقربة سيتلامس مع الاخوان المسلمين).رفضت المتحمسات للحديث بلغة غير التي يتحدث بها الناس في مصر.. مشيرة الى فرح بهذه الاخوة الجديدة.
ـ 13
ـالقضية كما قلت ليست حجاب حنان ترك.فهي حرة في اختيارها الشخصي.وربما لابد ان تمر بالتجربة لانها عاشت الفترة الاخيرة وهي تعتقد ان الحجاب سيحل صراعاتها الداخلية وشعورها بالذنب.ستجرب.. ربما تنجح او تضطر الى مواجهة مشاكلها الحقيقية...القضية اذن في الرسالة وراء حجاب حنان ترك.حجاب حنان.. هو انتصار للشيخات بعد بعض الهزائم الصغيرة (هناء ثروت قاطعت منى عبد الغني لانها مازالت تعمل.. وطردتها من مجموعات الدروس الخاصة بالنجمات).وفي زفة الانتصار اعلان ادانة للمجتمع الذي يختار عدم الحجاب سواء كان هؤلاء مسيحيين.. او مسلمين لم يقتنعوا بعد بضرورة الحجاب.لن ندخل في جدل حول فرض الحجاب او في نشأته.. وان تحويله الى فرض هو ابن سنوات التطرف.انه موديل في الملابس.. يتحرر مع شيوعه ويتحول الى مجرد علامة دخول في المجتمع.وكل امرأة حرة في اختيارها.لكن الاختيار في حالة حنان ترك ووفق مقدماته والتوقيت الذي سبق موسم افلام ومسلسلات تلعب البطولة فيها محجبات.فان هذا يعني اولا تسويقاً لاعمال فنية ومحطات فضائية قامت على تدعيم فكرة موديل المرأة المحجبة باعتبارها وحدها دليلاً على الشرف والسمعة الحسنة.وثانيا فانه ادانة لغير المحجبات.وثالثا هو تفكيك من اسفل لكل القيم والافكار الحديثة عن المرأة والعائلة والحياة.
ـ 15
ـحنان ترك لم تترك عالم الفن.. لكنها تريد البحث عن حجة للاستمرار به فتتحدث عن الرسالة والقيمة الكبرى التي يجب ان تكون في اعمالها.وهي تفعل ذلك في توقيت تبحث فيه المحجبات عن متنفس بعيدا عن سطوة الاخوات والشيخات.تعود سهير رمزي معلنة التوبة عن اعمالها قبل الحجاب واعدة باعمال اقوى من سانجام بالحجاب.. وهي لم تقدم شيئا له قيمة كبيرة قبل.. وليس من المنتظر تقديم شيء كبير بعد.. سوى الموديلات المضحكة للملابس.وتعود المحجبات عبر برامج وافلام ومسلسلات.. كأنها حملة عكسية لاتريد الانسحاب من الفن.. تريد انسحاب الفن.وتحول المجتمع الى صحراء.. يتسلمها فرسان الدولة الدينية ليدفعونا كما في كل التجارب المعاصرة والقديمة الى جحيم مكيف الهواء.
المستقبل